بيع ما تُنتجه أرضٌ بعينها باعتباره سلمًا

سؤالي عن صورة من صور التمويل الإنتاجي للمزارعين، حيث يقوم المشتري (إحدى الجمعيات أو التعاونيات أو الشركات) بالتعاقد مع المنتج على شراء كمية محددة من محصولاته بسعر محدد، وبعد الاتفاق يكتب العقد، فيقوم المشتري بدفع جزء من المبلغ الإجمالي (حوالي 60%) على أن يدفع الباقي حين تسلم المحصول كاملًا.
وهدف هذا التمويل مساعدة المُنتِج على تغطية تكاليف الإنتاج، أي أن التعاقد يكون قبل بدء المنتج في العملية الإنتاجية أصلًا. فهل هذه الصورة من التعاقد (تأجيل السلعة وتأجيل جزء من الثمن) صحيحة شرعًا؟ وهل هذا يُعَدُّ عقدَ سَلَمٍ؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن عقد السَّلَم هو بيع موصوف في الذمة ببدل يُدفَع عاجلًا، فيُشترط لصحة عقد السلم أن يكون المبيع موصوفًا في الذمة، فلا يصح بيع ما تُنتجه أرضٌ بعينها باعتباره سلمًا، كما يُشترط لصحته تعجيل رأس المال، وأجاز المالكية(1) تأخيره إلى ثلاثة أيام، فلا يصح فيه تقسيط الثمن على هذا النحو الذي تذكر في هذه المعاملة إن أردنا تخريجها على عقد السلم، فضلًا عن كون التعاقد يجري في الغالب على ما تنتجه أرض المزارع بعينها، فتحتاج المعاملة إلى إعادة هيكلة ونظر. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «التاج والإكليل» من كتب المالكية (6/476): «(شرط السلم قبض رأس المال كله) ابن يونس: نهى صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ. وهو الدين بالدين، فوجب تعجيل النقد في المضمون، وكل من أخر النقد في السلم بشرط فالسلم فاسد، وقد تقدم عند قوله: وتأخير رأس مال السلم. نص المدونة إن تأخر بعضه انفسخ السلم كله (أو تأخيره ثلاثًا ولو بشرط) ابن رشد: المشهور جواز تأخير رأس مال السلم ثلاثة أيام فما دونها بالشرط».
وجاء في «حاشية الصاوي» من كتب المالكية (3/260-266): «(وجاز تأخيره): بعد العقد (ثلاثا) من الأيام (ولو) كان التأخير (بشرط) عند العقد سواء كان رأس المال عينا أو عرضا أو مثليا. (وفسد بتأخيره عنها): أي عن الثلاثة الأيام بشرط عند العقد. (ولو) تأخر (بلا شرط إن كان) رأس المال (عينا) على ما في المدونة، والذي رجع إليه ابن القاسم: أنه لا يفسد ولو تأخر لأجل المسلم فيه حيث تأخر بلا شرط، وهو قول أشهب وابن حبيب. فإن كان غير عين فلا يفسخ إن كان التأخير بلا شرط في العقد ولو لأجل المسلم فيه لكن قد يجوز التأخير بلا شرط وقد يكره».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend