بيع التماثيل

جزاكم اللهُ خيرًا على الإجابة الطَّيِّبة الخاصَّة بالرِّكاز، ولكن السُّؤال: لو كان التِّمثال الذي وُجد ليس من الذَّهب ولا الفِضَّة بل حجارة أو عاجًا، فهل يُباع ويُخرج الخُمس أيضًا، أم يُعتبر حرامًا ويُكسر؟ مع العلم أن قيمتَه باهظة جدًّا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد علمتَ- وفَّقك الله- أن في الرِّكاز الخُمس، وأنه يُصرف فيما يُصرف فيه خُمس الغنيمة، وبقيَّة الأخماس الأربعة لِوَاجِدِه، فإن كان الرِّكاز على هيئة تمثالٍ فإن له أن يستفيد بمادَّته بعد نقضه إن كانت تصلح لذلك، أو يبيعه بعد أن تُقطع رأسه؛ لأن الصُّورة الرأس حتى لا يُسهِم في تجارة التَّماثيل، فإنَّ ما أُزيل رأسه فلا يُعَدُّ صورةً محرمة، ولا حرج في اقتنائه وبيعه إن كان ينتفع به، بشرط ألا يُستعان به على مُحرَّم، كأن يكونَ جزءًا من تمثالٍ يُعبد أو يُتبرَّك به ونحو ذلك.
وقد دلَّ على إباحة ما قُطع رأسه من الصور ما رواه أبو داود والتِّرْمذي: عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «‏أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ‏:‏ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامٌ سِتْرٍ(1) فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي عَلَى بَابِ الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَانِ مَنْبُوذَتَانِ تُوطَآنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ»(2).
ففعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك الكلبُ جروًا للحسن أو الحسين تحت نضد له فأمر به فَأُخْرِج.
ولا بأس ببَيْع أنقاضها بعد ذلك إذا كانت لها قيمةٌ، كما لو كانت من مَعدِنٍ نفيس كالذَّهَب أو الفِضَّة.
والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح التِّرمذي»(3). ورواه النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: استأذن جبريلُ رضي الله عنه  على النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: «ادْخُلْ. فَقَالَ: كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟! فَإِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ، فَإِنَّا مَعْشَرَ الْـمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ». وصحَّحه الألباني في «صحيح النَّسائي»(4).
وروى الإسماعيليُّ في «معجمه» من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنه  أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  قال: «الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَا صُورة». وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»(5)، ومن ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) الستر الرقيق من صوف ذو ألوان. انظر: «تحفة الأحوذي» (7/141).

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «اللباس» باب «في الصور» حديث (4158)، والترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة ولا كلب» حديث (2806)، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

(3) «صحيح سنن الترمذي» (2468).

(4) أخرجه النسائي في كتاب «الزينة» باب «ذكر أشد الناس عذابًا» حديث (5365)، وذكره الألباني في «صحيح سنن النسائي» (5365).

(5) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (7/270) حديث (14356)، وذكره الألباني في «الجامع الصغير» (7311).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend