سماحة الدكتور صلاح الصاوي، لقد ذهبت إلى بنك إسلامي منذ شهرين لكي أقوم بمعاملة مرابحة- مواد بناء- لكي أقوم ببناء منزل لي للزواج، قال لي موظف البنك: إنه على حسب راتبك الشهري سوف تأخذ مواد بناء بمبلغ 8000 دولار وسوف تقوم بالسداد للبنك لمدة 6 سنوات بمبلغ 11000 أي بمرابحة 6% في السنة الواحدة هذه هي حسبة البنك، مع العلم أن مواد البناء ليست بحوزة البنك ولكن البنك يرسل معي موظفًا من البنك للبائع ويقوم الموظف بإعطاء البائع الثمن وأنا أقوم باستلام البضاعة، فقمت بالاتصال على مفتي محافظة غزة وقلت له: إني أريد القيام بمرابحة مواد بناء من البنك الإسلامي، قال لي: إذا كانت مواد بناء توكَّل على الله، قلت له: هل فيها من شيء؟ قال لي: لا، توكَّل على الله. بعد ذلك سمعت أن ما قمت به محرَّم شرعًا وهو تحايل على الدِّين، فأريد أن أعرف من سيادتكم الحكم في ذلك مع العلم أني قمت بالفعل ببناء المنزل، وإذا كانت هذه المرابحة من المحرمات هل توجب الكفارة أم ماذا أفعل؟ فأنا لا أستطيع في الوقت الحالي سداد المبلغ بالكامل للبنك وسوف أنتظر لمدة لا تقل عن أربع سنوات لسداد المبلغ. أفيدوني أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
بيع المرابحة بيع صحيح، وهو البيع برأس المال وزيادة ربح معلوم، والذي يفعله البنك يُسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو وعد بالبيع في البداية حتى لا يبيع ما لا يملك، وبيع في النهاية عندما يملك السلعة وتصبح في ضمانه.
ولكن المشكلة أن بعض البنوك لا تلتزم بهذه الإجراءات، فلا تبرم عقدًا تتملك به الصفقة ثم تبيعها لك، بل تجعل العقد بينك وبين البائع مباشرة، وتكتفي بدفع الثمن للبائع وتقيده عليك بزيادة، فيَئول الأمر إلى قرض بزيادة، وينعكس على المعاملة بالفساد والبطلان.
على كل حال للبنوك هيئة رقابة شرعية هي المسئولة عن شرعية أعمالها في الأصل، ويسع العامة- ممن لم يؤتوا حظًّا من النظر أو قدرة على الوصول إلى أهل الفتوى- تقليدُهم، أما من أوتي حظًّا من النظر أو قدرة على التأمل في المعاملة والرجوع إلى أهل الفتوى بشأنها فلابد له من أن يبذل جهدًا في التحري بما يطمئن معه إلى سلامة المعاملة.
ولم يظهر لي من سؤالك إذا كان العقد قد تم بين البائع والبنك من خلال مندوب البنك، ثم أعاد البنك بيع هذه المواد لك، أم أن العقد قد تم مباشرة بينك وبين االبائع واقتصر دورالبنك على التمويل؟ إن كانت الأولى فالمعاملة صحيحة، وإن كانت الثانية فالمعاملة فاسدة، ولكن نظرًا لما شابها من تأول من جانبك، وما احتف به من جهالة بالحكم، وغياب المعرفة بالإجراءات الشرعية السليمة لإتمام هذه المعاملة، وانعدام القدرة على تصحيح الأوضاع بعد أن مضت- فأرجو أن يسعك عفو الله فيما مضى، وانتبه إلى ما يقع من ذلك في المستقبل، واجتهد في سؤال أهل الفتوى قبل إبرام العقد والدخول فيه، وليس بعد أن تمضي عليه سنوات على النحو الذي جرى منك في هذه المعاملة!
نسأل الله جل وعلا أن يُقيل عثراتنا، وأن يغفر لنا قصورنا وتفريطنا، وأن يحملنا في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.
بيع البنك بالمرابحة للآمر بالشراء
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع