لاحظت أن بعض المسلمين يرصدون بعض المكافآت في المسابقات، فهل تستطيع أن تلقي بعض الضوء على ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
المسابقات إن كانت بغير مال فلا حرج في ذلك ما دام موضوعها مشروعًا، سواء أكانت لرياضة الذهن أم لرياضة البدن.
أما إن كانت على مال فإنها تشرع إذا كانت هذه الأموال ترصد من جهة ثالثة ولا ترصد من قبل المتسابقين أنفسهم.
أما إن كانت ترصد من قبل المتسابقين فلا تشرع إلا إذا وجد من يشترك في المسابقة دون أن يغرم مالًا، بحيث يكون إما أن يفوز بالسبق أو لا يخسر شيئًا، وكان في أحد هذه المجالات الثلاثة المنصوص عليها في الحديث، وهي: المسابقة في الرمي، أو في مسابقة الخيل، أو الإبل.
ويجمع بين هذه جميعًا أنها من جنس الإعداد للقتال وإعداد العدة للجهاد في سبيل الله، ويمكن أن يقاس عليها ما كان من هذا القبيل؛ لحديث: «لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ».
والسبق: هو المال الذي يرصد للمتسابقين.
والنصل: يقصد به المسابقة في السهام، ويقاس عليها كل أنواع الرمي المعاصرة.
والمسابقة بين الخيل والإبل يمكن أن يقاس عليها المسابقة بين الدراجات أو المراكب البحرية أو السيارات وغير ذلك مما يستخدم للقتال في واقعنا المعاصر، ويمكن أن يقاس عليها أيضًا المسابقات العلمية، فإن الجهاد في الإسلام كما يكون بالسيف والسنان فإنه يكون كذلك بالعلم والبيان، كما قال تعالى: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52].
وقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التوبة: 73].
ومن المعلوم أن جهاد المنافقين يكون بالعلم وكشف الشبهة.
وعلى هذا فلا مانع من وضع الجُعل بين المتسابقين في المسابقات العلمية إذا كانت تلك المسابقة نافعة ومفيدة. والله تعالى أعلى وأعلم.