العمل في شركة تأجير عمالة إلى شركات أخرى

أنا أعمل في شركة مقاولات في المنطقة الشرقية بمهنة محاسب مالي، كنت أتوقع أن يكون نشاط الشركة هو مقاولات كما هو متعارف عليه، وكما هو مفهوم من اسم الشركة، ولكن وجدت أن الشركة مسجلة تحت نشاط المقاولات، والنشاط الفعلي هو تأجير العمـال إلى شركات أخرى، أو كما تعرف تحت اسم (مان باور).
وأقسم بالله أن ما أشاهده من أوضاع مأساوية لهـؤلاء العمال من جنسيات متعددة (هنود ونيباليين وبنجاله) يجعلني أبكي كلمـا شاهدتهم على ذاك الوضع؛ حيث إن الشركة قد وضعت لهم راتبًا 500 ريال شهريًّا، في ذات الوقت التي تتقاضى فيه الشركة نظير تأجير العامل الواحد ما يقارب 1500 ريال شهريًّا، وهذا النوع من العمل لم أكن أتوقعه مطلقًا قبيل مجيئي إلى هنا بحثًا وراء الرزق وسعيًا فيه، كما أن الشركة تتعاقد مـع العامل وهو في بلده تعاقدًا ذا شروط معينة، ولكن عندما يجيء العامل يجد نفسـه مُجبرًا للتوقيع على عقد آخر بمقتضاه يوضع الراتب الجديد، بالإضافة إلى حرمان العامل من راتب شهرين متتاليين ضمانًا لحق الشركة في التأشيرة في حالـة هروب العامل.
والإجبار هنا يا شيوخنا بمعنى أن العامل أو حتى الموظف ومنذ لحظة مجيئه يمنع عنه جواز السفر وكل الأوراق الثبوتية سواء من بلده أو حتى أصل إقامتة هنا، ويتحرك بصورة من الإقامة مختومة بختم الشركة، كما أنه لا يجد أمامه أي فرصة للتفكير أو تدارك الأمر، فالموضوع يحدث في لحظات قليلة جدًّا ليجد العامل نفسه مضطرًّا للقبول والتعايش.
كما أن الشركة تتبع سياسة- والله الذي لا إله إلا هو أني لم أكن لأتوقعها في حياتي- ألا وهي بيع تأشيرة العامل لصـالح شركة أخـرى؛ حيث يجيء أحـدهم ليشتري تأشيرة العامل الموجود فعليًّا لـدى الشركة، ليجد العامل نفسه تحت كفالة شركة ولكنه يعمل لدى شركة أخرى، وإن وجـد صاحب الشركة الأخرى فرصة لبيع هذا العامل لشركة أخرى بمبلغ أكبر من الذي اشتراه به فإنه لا يتردد مطلقًا.
سؤالي أفادكم الله وجعل الجنة مثواكم ورزقكم من الخير كله ما تحبون وأطال الله عمركم- فضيلة الشيخ ينقسم لشقين:
الشق الأول من سؤالي هو: مشروعية هذه النوعية من العمل طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وهل المال المتحصَّل عليه جرَّاء هذا النوع من العمل حلال بالنسبة لصاحب الشركة؟
الشق الثاني- وهو الذي يؤرقني كلما فكرت فيه-: فلوسي حلال يا شيخنا؟
أتمنى منكم أن يصلني الرد في أسرع وقت؛ الله يبارك فيك ويحفظك، حيث إني على وشك النزول إلى بلدي في إجازة، وأود أن أتخذ قرارًا مناسبًا، وسوف يساعدني ردُّكم على اتخاذ هذا القرار.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفعنا بكم، وأن يجعل عملكم في موازين حسناتكم يوم القيامة، وأن يرزقكم الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يحشركم مع النبيين والصديقين والشهداء، وأن يرزقكـم الإخلاص في القول والعمل، اللهم آمين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل في هذا وأمثاله هو قول الله ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ  ﴾[المائدة: 2] فإذا كان الحال كما وصفت، وكنت ترى ظلمًا بَواحًا لا لبس فيه في هذه الشركة، وانتهاكات صارخة مستمرة لحقوق هؤلاء العمال الذين استُجلبوا من مناطق بائسة من العالم، ولا تستطيع تغيير هذا المنكر؛ سواء أكان ذلك من خلال نصيحة تُقبل، أو استعداء لجهة من جهات العدالة على هؤلاء الظلمة، فلا ينبغي لك الاستمرار في هذا العمل؛ حتى لا تعين ظالمًا على ظلمه، فليكن بقاؤك في هذا العمل بقدر ضرورتك إليه، وبقدر قدرتك على ترتيب بديل ملائم بإذن الله، زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend