فضيلة الشيخ لا يخفى عليكم حال العراق اليوم، فالمحتل وأعوانه يسعون جهدهم لامتلاك زمام كل شيء في هذا البلد ووضع مسار مستقبلي يسير عليه كل من يكون متوليًا لأمر من أمور البلد، وهذا استدعى من أهل الإسلام والخير الاستنفار لاستلام بعض مهام الأمور في البلد، وخاصة إذا ما رتب المحتل بعض أمور الانسحابات الجزئية.
فهل يجوز شرعًا أن يدخل من الإسلاميين والذين يحملون هم المقاومة بكل صنوفها، هل يجوز لهم أن يدخلوا كمنافسين في الحصول على بعض المكانات الريادية في البلد، مثل الأنبار؟ رغم أن هذا التنافس يتطلب من الداخلين بعض التنازلات، أو إن صح التعبير توافقات مع جهات ليست غايتها سوى المنافع الشخصية أو منفعة المحتل.
وما هي ضوابط ذلك إن جاز الأمر؟ وما هي توجيهاتكم بحكم خبرتكم الميدانية؟ شاكرين لكم ما تتفضلون به.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا شك أن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنه إذا تعارضت مفسدتان ولم يمكن دفعهما جميعًا احتمل أدناهما لدفع أعلاهما، وإذا تعارضت مصلحتان لم يمكن تحصيلهما جميعًا فإنه يفوت أدناهما لتحصيل أعلاهما.
ولابد أن يكون قياس المصالح والمفاسد على وفاق الشريعة وليس على وفاق الأهواء وحظوظ النفس، وقد اتفق أهل العلم بالشريعة على هذا الأصل في الجملة، إلا أن المنازعة تكون في تطبيق هذه الأصول في مناط بعينه، فهنا يقع الاشتباه ويحدث التنازع.
ومردُّ الأمر في ذلك إلى الربانيين من الفقهاء والخبراء، حيث يجتمع العلم بالشرع والدراية بالواقع.
والخلاصة: أن هذا الأمر من أمور السياسة الشرعية التي يرجع فيها إلى فقهاء المحلة وخبرائها.
ونسأل الله لكم التوفيق والسداد، والله تعالى أعلى وأعلم.