أود أن أعرف حكمَ الرهان في الإسلام؟
هل يجوز عمل جائزة الدورات الرمضانية التي يتحملها الفرق، حيث يتم تجميع ثمنها من كل المشاركين ويحظى بها الفائزون فقط؟
ما حكم أن يلعب شبابٌ في رحلة، أي لعبة، والخاسرون في هذه اللعبة يتحملون مصاريف المواصلات في هذه الرحلة؟
وهل يجوز لعب الكوتشينة إن لم تكن من أجل المال، للمرح فقط؟
أفادكم الله وجزاكم خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الرهان في الإسلام لا يجوز إلا في ثلاثة مواضع جاء ذِكرها في هذا الحديث: «لَا سَبْقَ(1) إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ»(2)، ومعناه كما جاء في «عون المعبود شرح سنن أبي داود»: «أن الجعلَ والعطاء لا يُستحق إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل، وهو الرمي، وذلك أن هذه الأمور عُدةٌ في قتال العدوِّ، وفي بذل الجعل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه»(3).
وأما السباق بالطَّير والرِّجْل وبالحَمَام وما يدخل في معناه مما ليس من عدة الحرب ولا من باب القوة على الجهاد، فأَخْذ السَّبَق عليه قمارٌ محظور لا يجوز؛ ولهذا فإن مسابقاتِ الكرة وغيرها لا يجوز أن تكونَ قمارًا، وهو الذي لا يخلو أطرافُه من غُرم أو غُنم، أما إذا تحملت هذه الجائزةَ جهةٌ أجنبية فلا حرج.
أما لعب الكوتشينة فإن كان على مالٍ فهو قمار مُحرَّم بالإجماع، وإن كان على غير مال فينبغي اجتنابُه كذلك؛ لما يتضمنه من مضيعة الأوقات والأعمار فيما لا طائل تحته؛ ولأنه ذريعةٌ إلى التباغض وإضاعة الواجبات.
وقد سُئلت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاء ببلاد الحرمين عن لعب الورق إذا كان لا يُلهي عن الصلاة ومن غير أموالٍ؟
فأجابت: اللعب بالورق لا يجوز، ولو كان بغير عوضٍ؛ لأن الشأنَ فيه أنه يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة، وإن زعم أنه لا يصدُّ عن ذلك، ثم هو ذريعةٌ إلى الميسر المحرم بنص القرآن، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [المائدة: 90].
وهذه اللعبة لها أثر على المجتمع؛ فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين: اتباع أوامر الله، واجتناب نواهيه. ويتفكك المجتمع بتَرْك شيءٍ من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات، وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع، فهي سببٌ في ترك الصلاة جماعةً، وينشأ عنها التباعدُ والتقاطع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات، كما أنها مُورِثة للكسل عن طلب الرزق(4).
وجوائز المسابقات الرمضانية ينبغي أن تُنظمها جهةٌ خيرية، تبذل الجوائز للفائزين، ولا يتحمل الخاسرون فيها غُرمًا، فهذا الذي عليه الجمهور، وإن ترخَّص فيها بعضُ أهل العلم، ولا يجوزُ التسلية باللعب في الرحلات وتحميلُ الخاسرين في هذه الرحلات مصاريفها، فإن القمار في ذلك ظاهر. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) ما يُجعل من المال رهنًا على المسابقة.
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/474) حديث (10142)، وأبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في السبق» حديث (2574)، والترمذي في كتاب «الجهاد» باب «ما جاء في الرهان والسبق» حديث (1700)، والنسائي في كتاب «الخيل» باب «السبق» حديث (3585)، من حديث أبي هريرة . وقال الترمذي: «حديث حسن»، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1506).
(3) «عون المعبود» (7/173).
(4) «فتاوى إسلامية» (4/436).