الحل عند اختلاف نية الشريكين في نوع الشركة

شخصٌ أخذ مبلغًا من آخر، ثم اختلفا بعد ذلك، فزعم الأوَّل أنه أخذه على سبيل الشَّراكة، وزعم الثَّاني أنه كان قرضًا، ولا بينة. فلمن نحكم؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فهذه خصومة أرجو أن تُحال إلى من يسمع من كلا الطرفين ليقضي بينهما، والقاعدة في هذا: أن البيِّنة على مَن ادَّعى واليمين على من أنكر، ويبدو أن الشَّركة قد خسرت، ولهذا زعم صاحب المال أنه قرضٌ وزعم صاحب الشَّركة أنه شركة.
فإذا كان شأن هذه الشَّركة أنها تستقبل أموالًا من المستثمرين، وكان هذا ديدنها في الفترة الماضية، فإن المالَ يُعتبر شركةً، وعلى مَن ادَّعى أنه قرضٌ إثباتُ ذلك، فإن عجز توجَّه اليمين إلى صاحب الشَّركة أنه قد أخذ المال شركةً، وبهذا تثبت دعواه ويُحكم له.
أما إذا لم يكن من ديدنها مشاركةُ أحدٍ، وكان ما أحاط بها من ملابسات يرجِّح كونه قرضًا فيُصبح الأصل أنه قرضٌ، وعلى صاحب الشَّركة إثبات العكس، فإن أثبت ذلك قُضي له، وإلا توجَّه اليمين إلى الطَّرف الآخر، فإن أقسم ثبتت دعواه وحُكم له.
ووصيَّتي للجميع تقوى الله عز وجل ، وألا يسمحوا للأموال أن تُفسد علائق الوُدِّ بينهما، فإن المال غادٍ ورائح، وكلُّ شيء هالكٌ إلا وجهه، فليأتمروا بينهم بمعروف، وإن أرادوا حلَّ القضية صلحًا، بأن يقتسما الخسارة، فلا حرج، فإن الصُّلحَ جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا(1).
نسأل الله أن يردَّهم إليه ردًّا جميلًا، وأن يُصلح ذاتَ بينِهم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في الصلح» حديث (3594)، وابن حبان في «صحيحه» (11/488) حديث (5091) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْـمُسْلِمِينَ إِلا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا»، وذكره الألباني في «صحيح أبي داود» (3594).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend