عبد الله، شاب عربي مسلم ملتزم، سافر إلى إيطاليا ليعول أسرته الفقيرة، وذلك في سنة 2000، وكانت إقامته غير قانونية بنظر القانون الإيطالي.
عمل بجد، ولم يختلط بأي شخص مشكوك فيه، وذلك لإيمانه بأنه في بلاد الغربة لأجل عائلته الفقيرة، وكان يعيش مع ابن بلده، واسمه خالد، واتضح لعبد الله أنه تاجر مخدرات، وطلب منه أن يتوقف فورًا عن ذلك وإلا طرده من البيت، رفض خالد التوقف عن المتاجرة بالمخدرات، واعتبرها إهانة من عبد الله.
بعد أيام من الحادثة اتصل بعبد الله صديق له اسمه ياسين وقال له: إن خالدًا أمر عشيقته أن تخبر الشرطة بأنك تتاجر بالمخدرات، وقد وجدت الشرطة فعلًا بعضًا منها في بيتك، وبالطبع من وضعها هو خالد، وذلك انتقامًا من عبد الله.
ونصح ياسين عبد الله بالهرب لبلاد مجاورة، وفعلًا استعد عبد الله للهرب باحثًا عن مكان آخر يعول به أسرته.
كان عبد الله يعرف أين يخبئ خالد وياسين أموالهما، فاتجه إلى المكان، وحفر في الأرض وأخرج المال، وأعطى لياسين ماله، أما مال خالد فأخذه عبد الله انتقامًا منه، أي السن بالسن، وكان المال مقداره عشرة آلاف مارك ألماني.
أرسل عبد الله ما مقداره عشرين ألف مارك ألماني إلى عائلته، وقال لأخيه: العشرة آلاف ملك لشخص حرامي، وهي حرام، والأربعة آلاف هي أجرتي في إحدى المطاعم التي تبيع الخمر، وأنا لا أدري إن كانت حلالًا أم لا، أما الباقي فهو حلال مائة بالمائة.
قام أخو عبد الله بتخزين المال الحرام، أي الأربعة عشر ماركا ألمانيًّا على جهة لحين عودة عبد الله، وإرجاع الحق لأصحابه.
انتقل عبد الله إلى مكان آخر، وعمل بجد، وكان يتحرى الحلال في كل شيء، إلى أن أصبحت عائلته في مستوى لا بأس به.
قبل سنة اتصل عبد الله بياسين، وقال له: أريد أن أرجع المال إلى خالد، فرد ياسين: إياك أن تفعل، إن خالدًا كبرت تجارته في المخدرات والمحرمات، وإن أرسلت له المال فإنك تعينه على الإفساد في الأرض.
سأل عبد الله أحد مشايخ بلده، وهو إمام المسجد، فأفتى له بإرجاع المال لخالد، وخالد حر في ماله، وليفعل ما يشاء به.
السؤال: ماذا يفعل عبد الله وهو يحس أن مال خالد حرام عليه، ويريد أن يتخلص منه؛ هل يرده إلى خالد وهو يعلم أنه سيجعله في تجارة المخدرات والمحرمات، أم يتصدق به لبناء مسجد، أو لليتامى، وهل يرجع ما قيمته العشرة آلاف مارك ألماني، أم يحسب قيمتها في أيامنا هذه؟ وماذا عن الأربعة آلاف التي كسبها من عمله في المطعم الذي يبيع الخمر؟
المال كله هو عند أخيه في ظرف مكتوب عليه: مال مشكوك فيه، وإلى الآن لا أحد يستعمل المال؛ لأن العائلة متدينة ولله الحمد.
عبد الله في حيرة من أمره، فأعينوه أعانكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
على عبد الله أن يرد إلى خالد أمواله مصحوبة بنصيحة له وموعظة بليغة، وأمر خالد بعد ذلك إلى الله، أما الأموال التي اكتسبها من محل يبيع الخمر فهي من المال المختلط الذي اختلط فيه الحلال بالحرام؛ لأن عمله في هذا المحل منه ما هو مشروع ومنه ما هو غير مشروع، فكذلك دخله منه، فإن استطاع أن يقدر ولو بغلبة الظن نسبة عمله في المحرم مقارنة بعمله في غير المحرم ليتخلص من النسبة التي تقابله من الدخل فذلك أبرأ لذمته وأنقى لدخله وأرضى لربه، وعسى أن يتقبل الله توبته وأن يخلف عليه خيرًا إن شاء الله. والله تعالى أعلى وأعلم.
التصرف في المال الحرام
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع