ذات مرة دخل ولدٌ دكانًا ليشتري حلويات، فلما وجد ثمنها غاليًا أخذ حلوياتٍ كثيرةً ودفع ثمنًا أقلَّ من اللازم، ثم بعد ذلك ذهب لهذا الدكان ثانيةً وأخذ كميةً قليلة من الحلويات ودَفَع للبائعة أكثرَ من ثمنهم وكذب عليها؛ لأنه قال لها أنه دفع الثمن اللازم، مع أنه تعمَّد أن يدفع لها أكثر ليصلح خطأه حين أخذ حلويات أكثر من اللازم. هو الآن بالغٌ ولا يذكر إن كان بالغًا حين أخذ الحلويات، فمن هو البالغ اصطلاحًا؟ وهل يجب أن يتصدَّق الولد؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنَّ مَن اجتهد في إصلاح ما أفسد وتحيَّل لإيصال الحقوق إلى أصحابها أرجو أن يكونَ معذورًا ومأجورًا إن شاء الله، وفي هذه المسائل وأمثالها يعمل الشَّخْص بغلبة الظنِّ في حساب ما يجب عليه في ذمَّته من الحقوق والتبعات للآخرين، أما علامات البلوغ يا بني فمنها ما هو مشتركٌ بين الرَّجُل والمرأة: وهو بلوغ خمس عشرة سنة، ونبات شعر العانة، وإنزال المنيِّ، ومنها ما هو خاص بالرجال فقط: وهو نبات شعر اللحية والشارب، ومنها ما هو خاصٌّ بالنِّساء فقط: وهو الحمل والحيض. ومن ظنَّ أن عليه حقًّا لآخرين ثم جهلهم أو تعذَّر عليه الوصول إليهم فإنه يتصدَّق بقيمة هذه الحقوق نيابةً عنهم، وأرجو أن تبرأ ذمَّته بذلك.
وبقيت نصيحةٌ أخيرة: إن المجمع يا بني قد أُنشئ للردِّ على استفتاءات المسلمين في المهجر، ولمناقشة نوازلهم خارج ديار الإسلام حيث لا يقدرون على التواصل المباشر مع أهل العلم وحملة الشَّريعة، فأرجو أن تُقدِّم مسائلك إلى أهل العلم القريبين منك حتى تُوفِّر وقتَ لجان الفتوى لآخرين ممن لا يستطيعون الوصولَ إلى أمثال هؤلاء العلماء. بارك الله فيك يا بني، ونفع الله بك، وزادك حرصًا وتوفيقًا، وأُحييك على سؤالك وحرصك. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.