استفسار عن شبه المضاربة

أولًا: أشكر لعلمائنا الذين يبذلون جهودهم في إجابة أسئلة القراء من غير ملل ولا مِنَّة جزا كم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ثانيًا: عندي مسألة سُئلت عنها من قبل بعض أهل بلدي المسلمين الذين يعيشون تحت احتلال الصين الشعبية، وأرى أنها تقترب من المضاربة إلا في بعض النقاط الهامة؛ فاضطربت أقوال العلماء هناك لأنه لا يوجد هناك مكاتب إسلامية ولا متخصصون مسلمون في مجال الاقتصاد، فأرسلوا إلي لكي أكون وسيطًا، وهي كالآتي:
أن أصحاب الأموال يودعون أموالهم في البنك، وكل البنوك هناك ربوية خالصة، والبنك حسب ما يقول: يقوم باستثمار هذه الأموال بإقراضها للشركات الكبرى، ويعطي لصاحب المال عوائد دورية، ولكن ليس على شكل نسبة مئوية موحدة، بل على حسب نماء هذه الأموال في تلك المدة حسب قول البنك، فيعطي مبلغًا معينًا على أنه جزء من أرباح هذه الأموال، في بعض الأحيان تصل هذه الأرباح إلى حد لا يستطيع تاجر عادي الوصول إليه في مثل هذه المدة، وهذا ما أغرى كثيرًا من أصحاب الأموال.
فدور البنوك في هذه الحالة كما يقولون: الوساطة والكفالة بين صاحب المال والشركات المستثمرة والله أعلم، علمًا بـ:
1- أن صاحب المال لا يعرف أين وفيم تُستثمر أمواله.
2- أن كل أبواب المكاسب سواء الحلال منها والحرام مباح هناك.
3- أن هذا العائد يفوق عادة العوائد الربوية المعروفة.
4- أن أصحاب الأموال لا يأتمنون على أموالهم إن أعطوها للشركات مباشرة؛ حيث إن النصب والسرقة والاستغلال منتشرة هناك، فالبنك هو الضامن لعدم ضياع الأموال.
5- أن أصحاب الأموال لا يعرفون أيًّا من الشركات التي قامت باستثمار أموالهم أصلًا.
6- أن البنك ضامن لرأس المال في كل الأحوال، وليس هناك مدة معينة لسحب رأس المال، فهذا على اختيار صاحب المال عادة.
فأرجو من حضراتكم بيانَ حكم هذه المسألة في الشريعة الإسلامية بالتفصيل الملائم. نفعنا الله والمسلمين بعلومكم وجهودكم، وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أحبابنا في الله، نسأل الله لكم التوفيق وأن يزيدنا وإياكم حرصًا على طاعته وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
استثمار البنوك الربوية لأموالها عن طريق إقراضها مقابل زيادة هو من الربا المحرم بلا نزاع، سواء أكانت العوائد ثابتة أم متغيرة، ما دام الاستثمار عن طريق الإقراض بزيادة فذلك ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه نصًّا وآذن أصحابه بحرب من الله ورسوله.
ومن قواعد مشروعية المضاربة أن يستثمر المضارب أمواله في تجارات مشروعة وليس في قروض ربوية، وأن يكون الربح بينه وبين صاحب المال على الشيوع ولا يجوز أن يضمن لأحدهما دراهم ثابتة أو نسبة معلومة من رأس المال؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع الشركة في الربح، كما أن المضارب لا يضمن رأس المال إلا بالتفريط أو التعدي، ولا يخفى أن كل ذلك ليس بمتحقق في هذه الصورة المسئول عنها. ونسأل الله لكم التوفيق والسداد والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend