استرداد صاحب المال أموال المضاربة من شريكه لتعديه وتفريطه

دخلتُ في مضاربةٍ مع أحد أصدقائي بمالي وهو بالمجهود، واتَّفقنا على تقسيم الأرباح بالنسب المئوية بالنصف بيننا، وما إن أعطيته المال ليعمل به إلا وقد رأيته لا يردُّ على تليفوناتي ويتهرَّب مني، وفي الوقت الذي أجده فيه سار يتعلَّل لي بأسباب غير منطقيَّة لعدم الرَّدِّ، وتهرَّب مني بالشهور، ومع إحساسي بالغدر منه فقد تقابلت معه في ذات يومٍ وطلبت منه سَحْب مالي كله؛ لأنني لا أعلم أيَّ شيءٍ عن الأرباح ولا رأس المال كما اتَّفقنا من قبلُ على متابعة كلِّ شيءٍ، فأجابني بأنه- بعد كلِّ هذه الشهور من التَّهرُّب واللامبالاة من جهته- أعطى بضاعةً لأحد التُّجَّار بقيمة كلِّ أموالي وينتظر تحصيلها حتى يَرُدَّ لي مالي، وبعد انتظارٍ معه على ذلك الوهم أفادني أنه ذهب ليبحث عن التَّاجر فلم يجده ولا يعرف عنه أيَّة بياناتٍ من اسمٍ أو مكانٍ يسكنه ولا يملك منه ما يُفيد أموالي، ثم أجابني بأنه مسئول عن ردِّ أموالي ولا أقلق، فانتظرته طويلًا فأهملني كلَّ الإهمال، فطلبتُ منه إمضاء إيصالات أمانة بالمبلغ وأخذته منه وطال بي الحال على ذلك الوضع.
وبعد استخدام كلِّ الأمور الوُدِّيَّة لاستجلاب أموالي جلست مع والده لحلِّ الـمُشكِلة أفادني أنه غير مسئولٍ وأن أفعل معه ما شئت، فذهبتُ لأحد المحامين ورفعت قضيَّة ضدَّه واسترددتُ جزءًا كبيرًا من مالي وأنا في انتظار الجزء الآخر، وعلمتُ بعد ذلك أنه كرَّر نفس الـمُشكِلة مع آخرين ورفعوا ضدَّه قضايا.
سؤالي هو: هل ما فعلتُه من خطوات لاسترداد أموالي صحيح تمامًا نحوه؟
سؤال آخر: الجزء المتبقي ألفا جنيهٍ، وأنا بصراحة مع طول فترة الانتظار خسرتُ كثيرًا من رفع القضيَّة والمحامي، ولا أملك سوى وظيفتي ولا تطيب نفسي لترك ما تبقَّى من مالي له، بل أُريد أَخْذ كلِّ مستحقاتي وسامحت فيما خسرته طوال تلك الشهور لاسترداد مالي، فهل في ذلك إثم؟ وجزاكم اللهُ خير الجزاء.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ في المضاربة أن الرِّبْحَ على ما يتَّفقان عليه، وأن الخسارةَ فيها على صاحب المال، ويخسر العامل جهده، ولا يضمن العامل الخسارة إلا في حالة التَّفريط أو التَّعدِّي، ويحكم في هذا الخبراء، فإذا قال الخبراء بعد استعراض وقائع النَّازلة أن العامل قد تعدَّى أو فرَّط فإنه يكون مسئولًا عن الخسارة ويتحمَّلها في ماله الشَّخْصيِّ.
والذي يظهر من خلال ما عرضته من وقائع أن العاملَ قد فرَّط في إدارة الأموال، فإذا صدَّق ذلك الخبراء فيُصبح من حقِّك أن تسعى لاسترداد أموالك بالطُّرُق المشروعة، ومن ذلك اللجوء إلى القضاء وإن كان قضاءً وضعيًّا لا يحكم بالشَّريعة؛ لأنك تُطالب أمامه بمطلبٍ مشروع وهو استرداد أموالك من مدينٍ مماطلٍ، لاسيما إذا تعيَّن طريقًا لاسترداد حقِّك ورَدْع غريمك. ولكن ليس لك أن تُطالب بفوائد أو بغرامات تأخيريَّة ونحوه؛ فإن هذا لا يَحِل لك.
ونسأل اللهَ أن يهدي مدينك وأن يرده إليه ردًّا جميلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend