1- ما حكم الشَّرع في علم النَّفس من حيث تعلُّمُه وتعليمه وممارسته؟
2- ما حكم توظيف بعض تقنيات ونظريات علم النَّفس في علم التَّسْويق والإشهار (الإعلان التِّجاري) بغرض دَفْع المستهلك إلى الشِّراء، مثال:
* تكرار الرِّسالة الإعلانيَّة مرَّاتٍ كثيرةً جدًّا في وسائل الإعلام من أجل خَلْق اقتران شرطيٍّ لدى المستهلك ودفعه إلى الشِّراء كلما رأى المنتج المعلن عنه؛ لأنه منغرس في ذهنه جرَّاء التَّكرار، وهي تقنية مبنيَّة على النَّظريَّة السلوكية وهي إحدى مدارس علم النَّفس.
* التَّأثير على أحاسيس المستهلك بالصُّوَر القويَّة في الرِّسالة الإعلانية التي تُثير الغرائز الفِطْرية الكامنة عند الإنسان، سواء كانت مشروعةً أم غير مشروعة، كالرَّغْبة في القوة، وإثبات الذات والتَّسلُّط والغريزة الجنسية، وهذه تقنية تقوم على نظريَّة التَّحْليل النَّفسي وهي إحدى مدارس علم النَّفس؟ وجزاكم اللهُ تعالى خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الحكمَ في ذلك يتوقَّف على مدى مشروعيَّة المنتج الذي تسوقه، فإن كان من جنس الطَّيِّبات فلا حرج في تسويقه، على أن تُدرِك أن الشَّريعة قد جاءت بالقصد والتَّوسُّط في كلِّ الأمور، وأنها تكره الاستدانة وتبغضها إلى نفوس النَّاس إلا عند مواقع الضَّرورات أو الحاجات الماسة، وقاعدتها في الإنفاق ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7]، وتنصح المؤمن ألا يمدَّ عينيه إلى ما متَّع اللهُ به آخرين زهرةَ الحياة الدُّنيا ليفتنهم فيه، وأن يُدرك أن رزقَ ربِّه خيرٌ وأبقى(1). في ضوء هذه المعالم نأخذ الجرعة التَّسْويقيَّة المناسبة التي لا تنتهك هذه المعالم.
ولا يخفى أن ما كان من جنس الـمُحرمات البحتة كالإثارة الجنسية أو الغش أو التدليس ونحو ذلك- لا يدخل في إطار المناقشة من حيث المبدأ، فإن الأصل فيه التجنب. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) قال تعالى:﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131]