مشاركة من كان رأس ماله الذي سيشارك به قرضًا ربويًّا

ما حكم المشاركة في مشروع خاص بي قائم على تمويل إسلامي بنسبة 50% من طرفي، والباقي نسبة 50% تمويل من مستثمر آخر على أساس اقتراضها من بنك ربوي؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [النجم: 38]، وأن ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: 38]، فلا حرج عليك في مشاركة من كان رأس ماله الذي سيشارك به قرضًا ربويًّا، إلا إذا مثَّل ذلك إعانةً له على الإثم والعدوان، كما لو كانت مشاركتك له هي التي أغرته بهذا القرض وزينته له، أما إذا كان ماضيًا في طريقه سواء عليه أشاركته أم لا، فالوزر وزره، والتبعة تقع على عاتقه.
وإن كنا لا ننصح في الجملة بمشاركة مثله؛ مخافة أن تُنزع البركة من مشروع يبدأ على هذا النحو، وقد روى أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا».
قال الشوكاني: «المراد أن الله عز وجل  ليضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة، ويمدهما بالرعاية والمعونة ويتولى الحفظ لمالهما». انتهى(1).
فإذا خان أحدهما صاحبه نُزعت البركة، والذي يجترئ على معصية الله عز وجل  لا تُؤمن خيانته وبغيه، خصوصًا في الجوانب المالية؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: 24]. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) «نيل الأوطار» (5/391).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend