ضرورة القرض الطلابي للدراسة

أنا طبيب أسنان، وقد سعيتُ وما زلت أسعى للدِّراسات العليا في أمريكا لما فيها من فارقٍ علميٍّ كبير تستحيل معه المقارنة ببلادنا كدراسة طب الأسنان في أمريكا، فهي من أصعب الاختصاصات بالنِّسْبة للقبول، فليس الطَّالب من يُحدِّد الجامعة، بل القبول من يُحدِّد أيَّة جامعة سيدرس فيها، فهي من أغلى الاختصاصات، وكُلْفتها تتراوح ما بين خمسة وأربعين ألفًا إلى سبعين ألفًا من الدولارات في السَّنة ولمدة ثلاث سنوات متتالية، وهذه تكاليف الدِّراسة فقط من دون تكاليف الحياة.
جميع الطُّلَّاب بما فيهم الأمريكان يقومون بأخذ قروضٍ دراسيَّة، لا أتمنى ولا أُحب أخذ أيِّ قرضٍ منها، لكن قد يكون القرض هو طريقي الوحيد للدِّراسة هناك. نيتي العلم فقط، وللأسف هناك فارق كبير جدًّا إذا تعلمت في بلادنا، وقد قرأت الإفتاء العام في قرض الدِّراسة، فكيف أعرف هل أنا في حاجة أو ضرورة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد قرأتَ على موقع المجمع قراره حول القروض الطُّلَّابيَّة، وسؤالك حول مدى انطباق شروط الحاجة أو الضرورة على حالتك، والذي يظهر أن هذا القرارَ إنما يُخاطِب المقيمين خارج بلاد الإسلام في المقام الأول، حيث يقتضي مَنْعُهم من هذه القروض حرمانَ جالياتٍ بأكملها من الدُّخول إلى هذه القطاعات الحيويَّة، أو الحكم في بعض الأحيان بالتجهيل على جيلٍ بأكمله، أمَّا المُقيمون خارجها فلم تتعيَّن القروض الطلابية سبيلًا إلى تحقيق حاجاتهم التَّعْليميَّة، ولم تتعيَّن هذه الجامعات الباهظة سبيلًا لتحقيق ضروراتهم الدِّراسيَّة، بل توجد بعض البدائل وإن كانت ليست بنفس المستوى، ولكنها قد تفي بالحاجة، الأمر الذي يعسر معه تصوُّر الضَّرورة أو الحاجة التي تُنزَّل منزلتها للترخُّص في محظورٍ عظيم كالرِّبا، اللَّهُمَّ إلا إذا تصوَّرنا نابغةً موهوبًا يُمثِّل تخصُّصه في هذا المجال فتحًا مُبِينًا لأُمَّته ولا سبيل إلى توظيف ملكاته إلا من خلال هذا السَّبيل، فتُصبح هذه حالات خاصَّة وليست الأصل في الفتوى.
فاصبر حتى يجعلَ اللهُ لك فرجًا ومخرجًا، ونحن على يقينٍ بأن يدَ الله عز وجل  تعمل في هذا الوجود، وأن الله لا يتخلَّى عن أصحاب الطُّموحات النَّبيلة والصَّادقة من أمثالك، ونرجو أن تجد من ألطاف ربِّك وبديع تدبيره ما تقرُّ به عينك بإذن الله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend