السلام عليكم شيوخنا وعلماءنا الأفاضل ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عنا كل خير.
كنت قد اقترضت مبلغًا وقدره خمسون ألف جنيه مصري من قريب لي على أن أضع له في البنك بين فترة وأخرى ما تيسَّر لي وَضْعه، على أن يكون وصله كامل المبلغ خلال مدة أقصاها خمسون شهرًا من تاريخ الاقتراض، وقد تيسَّر لي وبفضل الله تعالى أن أُعطيه حقَّه كاملًا بعد خمسة عشرة شهرًا من تاريخ الاقتراض، أي في ثلث المدة المتفق عليها فيما بيننا، ولكنه رفض أن يأخذ المبلغ على أساس أن سعر الصرف للجنيه المصري قد خسر أو قلت قيمته أمام الدولار بسبب الأحداث الجارية، وقال لي: أُريد منك أن تُعيد لي نقودي بسعر صرف الجنيه أمام الدولار لحظة إقراضي لك المال.
فهل طلبه هذا من الشرع في شيء؟ علمًا بأن أحداث الربيع العربي لم تكن حدثت بعدُ، وكان أخذي للمال منه قبل الأحداث بأكثر من أربع أشهر، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.
الرجاء أفيدوني بحكم الشرع في هذه القضية، وجزاكم الله عنا خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الديون تُرَدُّ بأمثالها لا بقِيَمها، وهذا قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في هذه القضية، فينبغي على صاحبك أن يغتبط بالأجر الذي كتبه الله جل وعلا له على ما أقرضك.
ولكن إن أردت من جانبك أن تُعوِّضه عن هذه الخسارة بغير اشتراطٍ منه فلا حرج في ذلك، وأرجو أن تُؤجر عليه، ويكون هذا من قبيل حسن القضاء، فإن خيارَكم أحسنكم قضاء، ففي «صحيح مسلم»: أن النبيَّ ﷺ اقترض من رجل بكرًا فجاءته إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافعٍ أن يقضي الرجل بكرَه، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا جملًا خيارًا رباعيًّا. فقال: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»، ومن المعلوم أن البكر أصغر من الرباعي وأقل ثمنًا. والله تعالى أعلى وأعلم.