إنني بعدما تركتُ العمل في البنك لخوفي من الله أن أدفعَ ضريبة ذلك ما زلت في البطالة لـمُدَّةٍ تجاوزت السَّنَة، وأنا خائف، فإنني كنت معتقدًا أن الله سيعوضني بعملٍ أحسن؛ لأن من ترك شيئًا له عوَّضه خيرًا منه، لكن لم يحصل، وأنا خائف إن أنا وجدتُ عملًا آخر أن يكونَ مُديري في هذا العمل مثل مديري السَّابق الذي كان يشتمني ويُهدِّدني ودعوتُ كثيرًا، فما الحلُّ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فننصحك بالمزيد من الصَّبْر وحسنِ الظَّنِّ بالله عز و جل ، والمزيد من الضَّراعة والاستكانة والدُّعاء، وأن تعلم أن اللهَ ما حبس عنك ذلك إلا ليُعوِّضك بما هو أفضل منه، وأبشر بفرجٍ قريب، وتوقَّع من لطائف ربِّك ورحماته ما تقرُّ به عينُك بإذن الله، وتذكَّر هذا الحديث: عن أبي رزين قال: قال رسول الله ﷺ: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ»(1) قال: قلت: يا رسول الله أو يضحك الرب؟ قال: «نَعَمْ». قلت: لن نعدِم من رب يضحك خيرًا(2). زادك اللهُ يقينًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) ضبط بكسر المعجمة ففتح ياءٍ بمعنى: فقير الحال، وهو اسم من قولك: غيرت الشيء فتغيَّر حالُه من القوة إلى الضعف ومن الحياة إلى الموت، وهذه الأحوال مما تجلب الرحمة لا محالة في الشاهد، فكيف لا تكون أسبابًا عادية لجلبها من أرحم الراحمين جل ذكره وثناؤه، والمعنى أنه تعالى يضحك من أن العبد يصير مأيوسًا من الخير بأدنى شرٍّ وقع عليه مع قرب تغييره تعالى الحال من شر إلى خير ومن مرض إلى عافية ومن بلاء ومحنة إلى سرور وفرحة، لكن الضحك على هذا لا يمكن تفسيره بالرضا. انظر «شرح سنن ابن ماجه» للسندي.
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/11) حديث (16232)، وابن ماجه في «المقدمة» باب «فيما أنكرت الجهمية» حديث (181)، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (1/26) وقال: «هذا إسناد فيه مقال؛ وكيع ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره الذهبي في الميزان، وباقي رجال الإسناد احتج بهم مسلم»، وذكره السندي في «شرحه على سنن ابن ماجه» وقال: «إسناده حسن».