تمول الفوائد الزائدة على مكافأة نهاية الخدمة من شركات التأمين، وحكم بوليصة التأمين على الحياة المقدمة منحة من جهة العمل

فضيلة الشيخ، أنا أعمل في شركة أمريكيَّة دولية، والنِّظام المعمول به في مثل هذه الشَّرِكات فيما يخص مكافأة نهاية الخدمة عند ترك الشركة أو عند الاستغناء عن الموظف أو عند سنِّ التقاعد- هو إعطاء الموظف شهرًا أو شهرين من أساسي المرتب عن كلِّ سنة خدمة في الشركة.
ولكن النِّظام المتبع في الشركة التى أخدم فيها هو أن الشركة متعاقدة مع شركة تأمين دولية، والذي يتمُّ هو أن شركتنا تدفع شهرين من أساسي الراتب لكلِّ موظف لشركة التأمين سنويًّا، ثم شركة التأمين تتعامل بهذه النقود في بورصة بأوربا، وشركتنا تُعطينا الاختيار فقط بين شيئين: هو اختيار مخاطرة أقل وربح قليل، أو مخاطرة أعلى وربح كثير. وأنا اخترت مخاطرة أقل وربحًا قليلًا لأنني أحسست أنها أقل شبهة؛ لأنهم قالوا لي في الشركة: إن المخاطرة الأقل عبارة عن صكوك ولكن المخاطرة الأعلى عبارة عن مضاربة.
وعندما سألت شركتي أنني لا أريد أن يتم التَّعامُل بالنقود التي تخصني في هذه البورصة وأن أحصل على هذه النقود مكافأة نهاية الخدمة بدون ربح أو خسارة- قالوا لي: إن هذا غير ممكن، وإن هذه سياسة الشركة وإنه لا يُمكن تغييرها.
وأيضًا يوجد موضوعٌ خاص بسياسة الشركة، وهو أنه يوجد بوليصة تأمين على الحياة، وفي حالة العجز الكامل إجباريَّة على كلِّ موظفي الشركة، وهي مع نفس شركة التأمين الخاصة بمكافأة نهاية الخدمة، ولكن أنا كموظف لا أُساهم بأي مال في هذه البوليصة، فالشركة متكفلة بها بنسبة 100%، والعقد لهذه البوليصة يتمُّ بين الشركة التى أخدم بها وبين شركة التأمين، وأنا لست طرفًا في هذا العقد ولكن الشركة فقط تُعطيني ورقة بيانات لأحدِّد إلى من تئول هذه النقود في حالة الوفاة.
أنا كتبت: تُوزَّع طبقًا للشريعة الإسلاميَّة أو الميراث الشَّرْعي. وعندما سألت وطلبت من الشركة التى أخدم بها أن ألغي بوليصة التأمين على الحياة كانت إجابتهم أن هذا غيرُ ممكن؛ لأن هذا من سياسة الشركة ويجب عملُ تأمين على الحياة لكلِّ موظفي الشركة.
أرجو سيدي إفادتكم وفتواكم فى: هل مكافأة نهاية الخدمة بهذه الطَّرِيقة حلال؟ مع العِلْمِ بالطبع أنني لا أستطيع لا أنا ولا الشركة التي أخدم فيها أن نعرف في أي نشاط أو في أي سلع يتم استخدام نقودنا في هذه البورصة. وأيضًا بالنِّسْبة لبوليصة التأمين على الحياة هل حلال الحصول عليها؟ وجزاكم اللهُ خَيْرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأمرَ بالنِّسْبة لبوليصة التأمين على الحياة واضح جليٌّ، فعقد التأمين التجاري على الحياة على الرغم من فساده لما يتضمَّنه من الغرر الفاحش إذا قُدِّم لك منحةً من جهة العمل ولم تكن طرفًا في عقده ولم تتكلَّف فيه مالًا ولا سبيل لك إلى إلغائه- فلا حرج فيه بالنِّسْبة لك، وما يُدره على ورثتك من مالٍ بعد الوفاة يتموَّلونه حلالًا سائغًا، وتبقى تَبِعة العقد الأصليِّ على مَن تولَّى كبره، ولمجمع فقهاء الشَّريعة بأمريكا قرارٌ في هذا الصدد ويُمكنك مراجعته على موقع المَجْمَع.
أما بالنِّسْبة لمكافأة نهاية الخدمة فالمقطوع به أن لك الحقَّ في رأس المال، وهو المبلغ الأصليُّ الذي تبرَّعَتْ لك به الشركة، وأما الزيادات التي تولَّدت عن المضاربات فإنها تكتنفها كثيرٌ من الشُّبُهات، فإن لم تستطعِ التحقُّقَ من سلامة مسارها وطرائق استثمارها وأردت السَّلامة وتمام البراءة للذِّمَّة فخُذْ هذه الزيادات ولا تتموَّلها، ولكن وجِّهها أو أوصِ بتوجيهها إلى بعض المصارف العامَّة، ويكون هذا بابًا من أبواب الخير فُتح عليك قبيل لقائك بربِّك؛ لأنني أرجو أن تُثاب على ذلك ثواب العفة عن الحرام أو التَّوَرُّع عن المشتبهات إن شاء اللهُ. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend