بيع الدولارات في السوق السوداء

ما حُكم بيع الدولارات في السوق السوداء بأعلى من سعرها في البنوك والمصارف الرسمية؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ هو حُرية التعامل بيعًا وشراءً بالسِّعر الذي يرتضيه المتعاقدون، ويرونه قيمةً عادلة لسلعهم، فإن ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التاجر والسلع، وليس في الشريعة حدٌّ أقصى للأرباح، اللهم إلا ما يقتضيه الترافق والتيسير والسماحة في البيع، فـ«رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى»(1).
ويستثنى من ذلك إذا حدثت أزمةٌ من الأزمات، وامتنع التجار عن بذل ما في أيديهم من السلع بثمن الـمِثل، ورأى وليُّ الأمر التدخُّلَ لفرض قيمةِ المثل ليبيع بها التجار إذا امتنعوا عن بيع ما في أيديهم من السلع بقيمة المثل؛ فيكون هذا إجراءً مؤقتًا طارئًا تقتضيه ظروفُ الأزمة العابرة ويقدر بقدرها، فإذا مرَّت هذه الأزمة عادت الأمور سيرتها الأولى؛ فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1إلى 6جمادى الأولى 1402هـ/10 إلى 15كانون الأول (ديسمبر) 1988م.‏
حول تحديد حد أقصى لأرباح التُّجار ما يلي:
‎‎ أولًا: الأصل الذي تقرِّرُه النصوص والقواعد الشرعية تركُ الناس أحرارًا في بيعهم وشرائهم وتصرُّفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها، عملًا بمطلق قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].‏
‎‎ ثانيًا: ليس هناك تحديد لنسب معينة للربح يتقيَّد بها التُّجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامةً وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآدابُ الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير.‏
‎‎ ثالثًا: تضافرت نصوصُ الشريعة الإسلامية على وجوب سلامةِ التَّعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغشِّ، والخديعةِ، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.‏
‎‎ رابعًا: لا يتدخل وليُّ الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللًا واضحًا في السوق والأسعار ناشئًا من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذٍ التدخُّلَ بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «السهولة والسماحة في الشراء والبيع» حديث (2076)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend