العمل في شركة تتعامل بالربا

أنا شاب أبلغ من العمر 27 عامًا وغير متزوج، أعمل محاسبًا في شركة مقاولات قطاع أعمال بنسبة 72% للحكومة والباقي للمساهمين العاديين وتقوم الشركة ببعض المعاملات التي أريد أن أعرف هل أترك العمل بسببها أم لا، وهذه المعاملات ثلاث:
1- تتعامل الشركة مع البنوك عن طريق السحب على المكشوف وذلك عند عدم توافر سيولة للشركة مع العلم أني أعمل محاسبًا بإعداد الميزانيات وليس لي دخل بالبنوك ويبلغ إجمالي السحب على المكشوف 86 مليون جنيه.
2- تقوم الشركة ببيع الأراضي أو الشقق التي تملكها بالتقسيط ولكن في العقد يتم كتابة قيمة الأرض أو الشقة ثم كتابة معدل الفائدة منفصلًا عن قيمة الأرض أو الشقة وتقوم الشركة بفرض غرامة تأخير عند عدم سداد قسط من الأقساط في ميعاده.
3- تملك الشركة منطقة الميرلاند ومطعم تيفولي هيليوبوليس وهذه مطاعم سياحية تقوم ببيع الخمور والشركة لا تقوم بالإدارة وإنما هي تقوم بتأجير المكان فقط المملوك لها وقيمة الإيجارات من هذه المطاعم خلال السنة ما يوازي 5 ملايين جنيه مع العلم بأن متوسط إيراد الشركة السنوي يتراوح ما بين 100مليون إلى 150 مليون جنيه وتقوم الشركة حاليًّا بإعداد منطقة ترفيهية بها مسرح وسينما وتقوم بتأجيرها للغير. برجاء إفادتي بترك العمل أم لا مع ذكر سبب الترك حتى أتجنبه في الوظائف الأخرى وهل أترك العمل مباشرة أم عندما أجد عملًا آخر؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه الشركة من الشركات المختلطة التي اختلط في أعمالها الحلال والحرام وهي موضع نظر بين أهل العلم من المعاصرين: فمنهم مَن أجاز الإسهام فيها ومنهم مَن منعه، والذين أجازوا الإسهام فيها اشترطوا لحل ذلك جملة من الشروط منها:
– التحري والتخلص من مقدار ما دخل على عائدات أسهمه من الإيرادات المحرمة.
– ألا يكون النشاط الأساسي للشركة محرمًا.
– ألا تتجاوز السيولة النقدية في الشركة 50% من أصولها.
– ألا تتجاوز نسبة الدخل المحرم في الشركة 5 % من إجمالي أرباح الشركة.
– ألا تتجاوز نسبة الديون التي على الشركة ثلث أصولها (أي ممتلكاتها).
ولكن قضيتك ليست قضية إسهام وإنما هي قضية عمل مأجور، وتأتي الشبهة فيه من كونه يتضمن إعانة على معصية، وقد نص فقهاؤنا على منع كل عقد تيقن أنه يتضمن إعانة على معصية كبيع العنب لمن يعصره خمرًا وبيع السلاح لمن يقتل به معصومًا… إلخ؛ انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، فإن لم يتيقن من إفضائه إلى معصية فهو أمام شبهة تقوى وتضعف بحسب مدى غلبة الظن من إفضاء هذا العمل إلى معصية، وعلى هذا فإن كان طبيعة العمل الذي تؤديه له علاقة مباشرة بكتابة الربا أو الإشهاد عليه فهو محرم قطعًا، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم  آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: «هُمْ سَوَاءٌ»(1)، وكذلك إن كان له صلةٌ بالخمر بيعًا أو شراء أو حملًا ونحوه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قد لعن في الخمر عشرة كما تعلم: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له(2). وإن لم يكن كذلك فيبقى في إطار الشبهة التي تقوى وتضعف بحسب القرب من مباشرة المحرم أو البعد عنه، والتي ينبغي التخلص منها لمن قدر على ذلك، «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْـحَرَامِ»(3).
والذي ننصحك به البحث عن عمل بديل يحقق لك مزيدًا من الشرعية ومزيدًا من براءة الذمة، وإلى أن يتيسر لك هذا العمل البديل الذي ينبغي أن تجدَّ في تحصيله أرجو أن يسعك عفو الله عز وجل  إذا رأى الله من قلبك إنكارًا للمنكر وسعيًا جادًّا للتخلص منه والابتعاد عنه. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم.

(2) أخرجه مسلم.

(3)  متفق عليه.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend