العمل في بنك أبو ظبي الوطني بقسم التجارة الدولية

أنا خريج هذا العام 2012م، من كلية التجارة جامعة الإسكندرية.
وفقني الله وتخرجت بفضل الله بتقدير جيد، وبعد التخرج بذلت ما في وُسعي مرارًا وتكرارًا في البحث عن عملٍ في مجالات كثيرة، ولكن من دون جدوى، وبفضل الله قدمت في أحد البنوك «بنك أبو ظبي الوطني» وتم قبولي بعد اجتياز الامتحانات والمقابلات كمتدرب لحين التأكد من استيعابي للعمل وكفاءتي لتوظيفي.
وتم توزيعي بقسم التجارة الدولية «Trade Finance»، والذي ينحصر تعامله في الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان ونماذج التحصيل. ويقوم دور هذا القسم بشكل عام على أساس التجارة، ويكون البنك وسيطًا في المعاملات بين مُصدِّر ومستورد في عمليات الدفع والقبض والتأكد من العمليات وسلامتها، دون التعامل مع الأموال مباشرة بشكل عام، أي عدم مباشرة القروض والائتمانات والربا بشكل عام. فهل العمل في هذا البنك في قسمٍ كهذا حرام شرعًا ويكون راتبي من المال الحرام؟
خصوصًا أن هناك أزمة بطالة بشعة في بلدي، وهناك صعوبة شديدة في العمل، خصوصًا بعد التخرج مباشرة؛ لذلك تعتبر هذه الفرصة بالنسبة لي كحياةٍ أو موت، طبعًا إلا فيما لا يغضب الله ولا يخالف شرعه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد تصدى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا لهذه المسألة في دورة انعقاد مؤتمره الخامس، المنعقد بالمنامة مملكة البحرين، وصدر فيها عنه القرار التالي، نسوقه لك بنصه ومنه يُعلَم الجوابُ:
القرار السابع: العمل في المصارف الربوية.
الأصل في العمل في المصارف الربوية أنه غير مشروع، لِلَعْن النبي ﷺ آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقوله: ««هُمْ سَوَاءٌ»»(1)، مع اعتبار الضرورات، على أن تُقدَّر بقَدْرِها ويسعى في إزالتها.
وقد رخصت المجامع الفقهية لمن لم يجد عملًا مباحًا، أن يعمل في الأماكن التي يختلط فيها الحلال والحرام، بشرط ألا يباشر بنفسه فعل المحرم، وإن يبذل جهده في البحث عن عمل آخر خالٍ من الشبهات.
والمجمع لا يرى ما يمنع من تطبيقِ هذا الحكم على العمل في المصارف الربوية، فيرخص في العمل في المجالات التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابة أو إشهادًا أو إعانة مباشرة أو مقصودة على شيء من ذلك.
علمًا بأن خطابات الضمان غير المغطاة من المعاملات الفاسدة؛ لأن الضمان في الشريعة من عقود الإرفاق وليس من عقود الاستثمار.
ولكن بقي استدراك مهم: مَن كانت حاجته ماسة لعمل من الأعمال التي اختلط فيها الحلال بالحرام؛ لتوفير ضرورياته، وعدم توفر بديل مشروع له، فليكن وجوده فيه وجودا مؤقتًا، ريثما يتسنى له الحصول على بديل مناسب، مع سعيه الجاد لالتماس هذا البديل، ومع التخلص من جزء من دخله يوازي هذه النسبة غير المشروعة من عمله، ويكون تقدير ذلك بغلبة الظن، وأرجو أن تسعه الرخصة في هذه الفترة الانتقالية. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________

(1) أخرجه مسلم (1598).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend