السمسرة بين البائع وبنك ربوي

لقد اتفقت مع البعض على أن أسعى لبيع مبنى يمتلكونه، مقابل ١٪ من إجمالي ثمن البيع، ويكون البيع عن طريق الاتفاق بينهم وبين مكتب للمزايدات لعرض المبنى في مزاد، وعند توقيع عقد الاتفاق بينهم وبين مكتب المزايدة ذكر مكتب المزايدة أنه لن يمكن بيعه بالتأكيد عن طريق هذه المزايدة سوى إلى بنك.
فهل أستمر في المساعدة في البيع وأحصل على النسبة المقررة لي من الأتعاب، أم أتوقف من الآن ولا آخذ أي أتعاب؟
علمًا بأن هذا البنك الذي قد يشتري قد يكون إسلاميًّا، ولكن احتمال ذلك ضئيل للغاية.
و إن استمررت فهل آخذ أتعابي في أي حال أم فقط إن بِيعَ المبنى لغير بنك ربوي؟
و جزاكم الله عنا خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن البنكَ التقليديَّ مؤسسة ربوية، يسري الربا في أعماله مسرى الماء في الأغصان، والربا كما لا يخفى من كبائر الذنوب، وتحريمه صريح في القرآن والسنة، وانعقد عليه إجماع أهل العلم، فلا يحل لمسلم أن يساهم في بيع عقار لبنك ليتخذه مقرًّا له؛ لما يتضمنَّه ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان.
وقد استقرَّ في الفقه تحريمُ كل بيع تيقنًا من إفضائه إلى معصية، فلا يجوز بيع العنب لمن يعصِره خمرًا، ولا بيع الخشب لمن يتخذه صليبًا، ولا النُّحاس لمن يتخذه ناقوسًا، ولا السلاح لمن يقتُل به معصومًا، وهكذا.
والأصل في ذلك كله قول الله جل وعلا: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
ومن ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه(1)، ولكن إذا كنت ستستمرين على أساس بيع هذا العقار لبنك إسلامي فلا حرج في ذلك، ومرد الأمر إليك في تقرير مدى واقعية هذا الاحتمال وصلاحيته لأن تبني موقفك عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/78) حديث (20758)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/178) حديث (1135)، من حديث يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من الصحابة بلفظ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ الله جَلَّ وَعَزَّ إِلَّا أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْهُ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/269) وقال: «رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend