الاقتراض من بنك ربوي بفائدة ربوية معفو عن تسديدها

فضيلة الشيخ. نفع الله بعلمكم. أنا طبيب بيطري من تونس، مُتزوِّج ولدي بنتان، حديث التخرج منذ أشهر، وأحتاج للعمل في أقرب الأوقات.
أريد فتح عيادة بيطرية ولا أملك المال لذلك، والطَّريقة الوحيدة المتاحة للتمويل هو أن الدَّولة تقوم بدعمِ باعثي المشاريع الصغرى الجدد، وذلك بتقديم منح وامتيازات مالية مهمة عن طريق مؤسَّسات الدَّولة، منها منحة مالية لمدة سنة كاملة مائة وخمسون دينارًا شهريًّا وإعفاء جبائي لمدة عشر سنوات، وغيرها يقوم البنك الوطني للتضامن- وهو بنك حكومي موجه للاستثمارات وليس بنكًا تجاريًّا- بإسناد قروض مخفضة الفائدة لا تتجاوز خمسة بالمائة في أقصى الحالات، ولكن في نفس الوقت تتمتع بمنحة استثمار تبلغ جملة ثلاثة عشر بالمائة تطرح مباشرة من القرض الممنوح.
فبالتالي يكون القرض بفائدة ربوية أقصاها خمسة بالمائة نظريًّا، ولكن تطرح الوكالة الوطنية للتشغيل ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية من القرض ما قدره ثلاثة عشر بالمائة من هذا القرض، فأنت تأخذ مثلًا ثلاثين ألف دينار وتسددها أقساطًا طيلة عدة سنوات، تقريبًا سبعة وعشرون ألف دينار، مع تسهيلات في التسديد كدعم للمشاريع، فنكون تطبيقيًّا سنسدد للبنك الحكومي القرض من دون فائدة، بل بأقل من ثمانية بالمائة.
وكما لا يخفى عليكم أن بلادنا تونس ليس فيها بنك إسلامي إلا واحدًا يقال إنه إسلامي، وهو مصرف «الزيتونة»، ولا يدخل إلا في بيع السَّيَّارات والمنازل، وفي العقد شروط لا أقدر عليها مثل رهنية ممتلكات، وأنا لا أملك هذا، وقد أخبروني حين استفساري أنهم لا يدخلون في الاستثمارات الفلاحية التي هي حكر على البنوك الحكومية المجعولة لهذا الغرض، وهي بنوك دعم وليست بنوكًا تجارية، ولكن معاملاتها معاملات البنك التقليدي، غير أن مؤسَّسات حكومية داخل نفس المنظومة تطرح أكثر من قيمة الفائدة! رجاء أفيدوني بالإجابة في أقرب الآجال.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فعلى الرغم من فساد عقد البنك لتضمنه شرط الفائدة- والفائدة قلت أو كثرت هي من الرِّبا الحرام بلا نزاع – إلا أنه نظرًا لما يمنحك المقرض من خصم يئول بك في النهاية إلى أن تسدد أقل من قيمة القرض المبذولة لك، فيعفيك من الفائدة الربويَّة، بل ويضيف إليك منحة أخرى، فلا حرج من الاستفادة من هذا القرض، ما دام هو السبيل الوحيد للحصول على التمويل في هذه الظُّروف، مع مسيس حاجتك إلى القرض، وأيلولة القرض في النهاية إلى قرض غير ربوي، ويبوء بإثم هذه الصياغة الفاسدة لهذا العقد من تولى كبرها وأحوج النَّاس إليها. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend