إخراج ديون الكريدت كارد المتراكمة للفقراء وعدم تسويتها مع جهاتها

مقدمًا آسف على الإطالة، لكن في اعتقادي أنها في حالةِ سؤالي مهمة للغاية وسأحاول أن أوجز.
أنا حاصل على بكالوريوس زراعة، وأعمل شريكًا مع أخي في محل بيتزا وكافيه أستأجره في مول تجاري، لديَّ ولد عمره عشر سنوات، وبنت عمرها ثماني سنوات، في المدارس الخاصة، منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عامًا ذهبتُ إلى أمريكا للعمل مع أخي، وكالعادة تعبنا جدًّا من أجل الرزق إلى أن أصبحنا أنا وأخي شركاء في محل بيتزا خاص.
مكثتُ في أمريكا منذ ما يقرب من سبع سنوات، حصلتُ خلالها على الجنسية الأمريكية، والحمد لله كنا نسير بما يُرضي الله في كل شيء ونبتعد عما حرَّم الله رغم عدم تديُّننا الشديد، إلا أننا والحمد لله نتقي الله في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، إلا في موضوع الكريدت (كروت الائتمان)؛ لأنه كان أسلوب حياة هناك، واستمررت على استخدام هذه الكروت إلى أن وصلت إلى خمسة وعشرين، وكلها مختلفة القروض، عشرة هناك وخمسة هنا، وهكذا، وصلت إلى أكثر من ثلاثين ألفَ دولار، وكنتُ منتظمًا ابتداءً في الدفع إلى أن وصلت إلى دفع الحد الأدنى (ما يقرب من الفائدة فقط).
السؤال الآن هو أنني توقَّفتُ عن السداد بعد نزولي إلى مصر؛ لأن دخلي في مصر على غير ما ظننتُ تمامًا، فهو قليل للغاية بالنسبة لأمريكا، على الرغم من أن نيتي كانت السداد وعدم التنصل، ولكن لن تسير الأمور كما هو مُتصوَّر، وتوقفت عن السداد وارتفعت فيه الكروت بدرجة كبيرة جدًّا.
أرجع إلى السؤال: أصل المبلغ لا أستطيع معرفته، وبالتالي صعوبة الرد؛ لأنه من أكثر من شركة وأكثر من بنك، فماذا أفعل؟ وذلك من خلال ظروفي الحالية في مصر، لا أستطيع الرجوع إلى أمريكا وفتح محل جديد بعد بيع محلي الأول مع أخي، ولا أستطيع ترك محل البيتزا والكافيه وأنا شريك مع أخي فيه، ولكن أستطيع أن أستقطع من دخلي جزءًا وليكن خمسمائة دولار شهريًّا، ولكن هل أرد المال هنا في مصر للفقراء أم هناك في أمريكا لأي جهة تعمل في سبيل الخير هناك، أم إلى اتفاق مع الشركات والبنوك وإن كان صعبًا جدًّا، وإن لم أُوفَّق في ذلك هل في النهاية هذا دين عليَّ يُحاسبني الله عليه؟
ملحوظة:
1- وضعي الجنائي في أمريكا بالنسبة لهذا الموضوع سلبي.
2- دخلي الحالي من عشرة إلى خمسة عشر ألفًا، وأمتلك شقة وسيارة ومحلًّا أنا شريك فيه مع أخي.
3- أستطيع استقطاع خمسمائة دولار حاليًّا.
4- تم ذلك كله بجهل مني بأمور الربا إلى حد ما. نرجو الإفادة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الذي يلزمك الوفاء به ديانة هو أصل المبلغ، فإن عجزت عن معرفته على وجه القطع فليعمل في مثل ذلك بغلبة الظن، ولعل المخرج المتاح في ظل ما عرضته من تفصيلات يتمثل في السعي إلى الوصول إلى تسوية مع الجهات الدائنة، ولو من خلال توكيل محام لمتابعة هذا الملف، وتلك حقوق لمؤسسات وجهات بعينها، وهي تطالب بها، فلا يصلح أن تخرجها في مصر لفقراء ولا لغير فقراء، بل إلى هذه الجهات بعد الوصول إلى تسوية مناسبة معها.
ولعل عذرك نسبيًّا كما تذكر جهلك بأحكام الربا، وإن كانت إمكانية العلم متوافرة، فلم تزل المراكز الإسلامية تفتح أبوابها، وأهل الفتوى منتشرون عبر العالم، وقد كان في مقدورك الوصول إليهم كما وصلت إليَّ الآن.
على كل حال إن «النَّدم تَوْبةٌ»(1)، وبقي أن تسعى في التخلص من هذه التبعات، فاجتهد في التوصل إلى تسوية عادلة ما استطعت، ونسأل الله لك التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 422) حديث (4012)، وابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «ذكر التوبة» حديث (4252) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/ 248) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات»، وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» حديث (3147) وقال: «صحيح لغيره».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend