أخذ قرض ربوي من الحكومة مخصص لمساعدة الشباب في إنشاء مشروع (1)

ما هو حكم الدين في أخذ قرض ربوي من الحكومة مخصص لمساعدة الشباب في إنشاء مشروع؟
مع العلم بالآتي:
أنا شاب أبلغ من العمر 31 عامًا، متزوج ولدي أطفال، وأعيش في أمريكا، وعندي مرض نفسي «Social anxiety»، وهو اضطراب القلق، الذي يتميز بالخوف الشديد في المواقف الاجتماعية التي تسبب ألمًا كبيرًا وضعف القدرة على العمل في أجزاء من الحياة اليومية.
وهذا المرض يؤثر بالسلب عليَّ في محيط العمل، حيث أكون في حالة شديدة من القلق والخوف تمنعني من أداء عملي بشكل طبيعي، وبالأخص عندما يكون هناك أكثر من شخص في المكتب أو محيط العمل.
لذا أطلب التوضيح في ضوء هذه الحالة، حيث أنوي إنشاء مشروع حلال يتناسب مع مرضي. فهل يصبح القرض حلالًا على أساس أن الضرورات تبيح المحظورات؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله يا بني أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية، وأن يبدل عسرك يسرًا، وأن يجعل لك من ضيقك فرجًا ومخرجًا، آمين.
وبعد، اعلم يا بني أن الاقتراض بالربا لا يترخص فيه إلا تحت وطأة الضرورات، والضرورات تعني خشية تلف النفس، أو عضو من أعضائها، أو اجتياح المال ونحو ذلك من الأمور الفادحة.
ونصيحتي لك أن تتكلف مزيدًا من الصبر، وأن تبذل مزيدًا من الجهد في التماس البدائل المشروعة، لعل الله أن ييسر لك شريكًا مسلمًا يدخل بماله وأنت بجهدك وما يرزقه الله من ربح يكون بينكما على ما تتفقان عليه، أو ييسر لك من يقرضك قرضًا حسنًا إلى ميسرة.
وأكثر من الاستغفار والضراعة إلى الله عز وجل؛ فإن الاستغفار مطردة للهم ومجلبة للرزق؛ قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾} [نوح: 10، 12]
وتخيَّر في دعائك يا بني أوقات الإجابة، مثل الثلث الأخير من الليل(1)، وعند إفطارك من صومك(2)، وعند ختمك للقرآن الكريم ونحوه.
وأرجو أن ترى من لطائف ربِّك ما لم يكن يخطر لك على بالٍ؛ فقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3]. وأسأل الله أن يجعل لك من ضيقك فرجًا ومخرجًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه» حديث (758) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ».

(2) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في العفو والعافية» حديث (3598)، وابن ماجه في كتاب «الصيام» باب «في الصائم لا ترد دعوته» حديث (1752) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُم: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْـمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّك وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ». وقال الترمذي: «حديث حسن»، وذكره ابن الملقن في «البدر المنير» (5/152) وقال: «هذا الحديث صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend