أنا أعاني من الوسواس القهري وكنت أفعل سلوكات وأفعال وسواسية كثيرة، لكن المشكلة أنني أحلف أنني لن أعيدها، وإن أعدتها سأصوم، وحلفت مئات المرات حتى أحسست أنني غرقت البارحة، حلفت أنني لن أعود للوسواس القهري ولا للأفعال الوسواسية أو السلوكات الوسواسية أو الحلف على شيء متعلق بالوسواس، كنت قد فعلت ذلك سابقًا لكن البارحة وعدت الله بصدق نية كبيرة أنني لن أعود، وبالفعل أنا إلى الآن لم أحلف مجددًا، لكن كانت في سلوكاتي الوسواسية أنني يجب أن أقرأ كل شيء تقع عيني عليه، وهذا الصباح كنت أشاهد التلفار وكانت هناك أغنية قرأت اسمها واسم من يغنيها، وقرأت حتى الإخراج. فهل بهذا التصرُّف قد وقعت في الوسواس مجددًا؟ لأنني كنت أدقق في القراءة سابقًا.
علمًا أن هذا التصرُّف حصل تلقائيًّا، يمكن لأن عقلي ما زال مبرمجًا كيف ما كان سابقًا. هل أنا الآن نقضت وعدي لله؟ لأنه كان بإمكاني أن لا أقرأ الإخراج لا داعي.
والبارحة وعدت الله أنني لن أعود لأي شيء له علاقة بالوسواس وإن عدت سأصوم 60 يومًا، وها أنا الآن لا أدري بهذا التصرف أهو وسواس أم شيء طبيعي؟
أخبروني أرجوكم.
و سؤال أخير: الحلف الكثير الذي كنت أحلفه مئات المرات بالصوم أو بعدم العودة ما حكمه؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فكفارة اليمين كما قال تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].
وعجيب أن تحلف على أن لا تعود إلى الوساوس فإن هذا أمر لا تملكه إن كان ظاهرةً مرضية، فقد يهجم عليك رغمًا عنك.
وننصحك بمراجعة طبيب نفسي، «فَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهَلَهُ مَنْ جَهَلَهُ»(1).
ولما كنت مبتلى بهذا الوساوس القهري فأرجو أن تكون معذورًا بالإغلاق الذي يستولي عليك معظمَ الوقت بسبب الوسوسة، فجدِّد التوبة، وكفِّر عن يمينك مرَّةً على سبيل الاحتياط، ولا تعد إلى الأيمان مرةً أخرى، وأكثر من الطاعات ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله عز وجل(2)، واتخذ لك رفقة صالحة تُعينك على الاستقامة، وتأخذ بيدك على طريقها. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/ 50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».
(2) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/188) حديث (17716)، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «ما جاء في فضل الذكر» حديث (3375) من حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».