والله يا شيخ إني قد عاهدت الله وقطعتُ معه عهدًا، وحلفت أيمانًا مغلظة وفي يدي مصحفان على ألا أعاود العادة السِّرِّيَّة، وكنت صادقًا في عهدي ويميني، ولكنني حنثتُ بهذا اليمين وسوَّل لي الشَّيطان وتذكَّرت العهد مع الله لكنني كنت كأني تجاهلتُ، بل إني عاهدتُ الله إن عدت لمثل ذلك العمل أن يفعل اللهُ بي ما يشاء.
والآن أنا والله نادم ولا أدري ما أفعل، أتمنى أن أُعاهد الله مَرَّةً أخرى وأقول له أن يُسامحني ولكنني خجلان من ربِّي، كأني أضحك عليه والعياذ بالله.
دُلَّني شيخي: هل سيقبل اللهُ مني عذري هذه المرة وهو يعلم أنني تجاهلتُ عهدي معه، وما حكم تلك الأيمان والعهود المغلظة التي كنت صادقًا فيها؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فجدِّد العزم، واشحذ الهمَّة، واصدق التَّوْبة، ثم إذا ضعفت وعاودتَ هذه العادة المرذولة فعاود التَّوْبة مَرَّة أخرى، ولم يزل ربُّك توابًا رحيمًا، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]
وتلزمك كفارة اليمين، وفي كل مرة تحنث بعد تجديد القسم تلزمك هذه الكفارة مرة أخرى.
وننصحك بالمسارعة إلى الزَّواج، واعلم أن من بين الثَّلاثة الذين حقَّ على الله عونهم: النَّاكح الذي يُريد العفاف(1)، ونذكرك بقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْفَظُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»(2).
والتمس لك يا بني رفقةً صالحة تُذكِّرك إذا نسيت وتُعينك إلى ذكرت، وتجنَّب الوَحْدة ما استطعت.
ونسأل اللهَ أن يُلهمك رشدك، وأن يَرُدَّك إليه ردًّا جميلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (2/437) حديث (9629)، والترمذي في كتاب «فضائل الجهاد» باب «ما جاء في المجاهد والناكح» حديث (1655)، والنسائي في كتاب «الجهاد» باب «فضل الروحة في سبيل الله عز وجل » حديث (3120)، وابن ماجه في كتاب «الأحكام» باب «المكاتب» حديث (2518)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى الله عَوْنُهُمْ: الْـمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله، وَالْـمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ»، وقال: «حديث حسن»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (3050).

(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «من لم يستطع الباءة فليصم» حديث (5066)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مُؤنَهُ» حديث (1400) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .