رجل نذر لله بأن يذبح خروفًا إذا ما وقع ما يتمناه، وبعد حدوث ذلك وجد مجموعة من الأصدقاء ينتوون ذبح بقرة فهل يجوز أن يشارك معهم في ذبح البقرة بنفس المبلغ الذي كان سيشتري به الخروف؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل هو وفاء الناذر بنذره كما نذره، إلا إذا وجد مانع يمنعه من ذلك، ويجوز تحويل النذر إلى ما هو أفضل منه كما لو نذر صيام يوم الثلاثاء، فله أن يصوم يوم الاثنين لأنه أفضل، أو نذر شاة فجعلها بقرة أو بدنة كاملة مثلًا، أما التحويل من شاة إلى سبع بقرة فمناط مشروعيته إذا كان هذا هو الأنفع والأفضل، فإذا كان هذا هو الأفضل للفقراء لكثرة عدد اللحم في البقر وقلة الشحم مثلًا فلا حرج إن شاء الله.
ومن الأدلة على جواز تحويل النذر إلى الأفضل قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن يصلي ببيت المقدس: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثم أعاد عليه فقال: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثم أعاد عليه فقال: «شَأْنُكَ إِذًا»(1).
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ببلاد الحرمين عن تغيير جهة النذر إلى ما هو أحق وأولى من الجهة الأولى، فأجابت: الأصل إذا عين الإنسان لنذره مكانا معينًا بأن نذر صدقة أو بناء مسجد في مكان معين لزم الوفاء بالنذر في المكان والجهة المعينة ما لم يمنع من ذلك مانع شرعي، إلا أن ينقله إلى مكان أفضل منه مثل الحرمين الشريفين، فلا بأس بذلك. ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن ينحر إبلًا ببوانة: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟». قال: لا. قال: «فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمِ؟». قال: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»(2). فأمره بالوفاء بنذره في المكان الذي عيَّنه لـمَّا خلا من الموانع.
ويدل على نقل النذر من المكان المفضول إلى المكان الأفضل، قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن يصلي ببيت المقدس: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثم أعاد عليه فقال: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثم أعاد عليه فقال: «شَأْنُكَ إِذًا». وبالله التوفيق. اهـ. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/ 363) حديث (14961) ، وأبو داود في كتاب «الأيمان والنذور» باب «من نذر أن يصلي في بيت المقدس» حديث (3305) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (6/ 107) وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الأيمان والنذور» باب «ما يؤمر به من الوفاء بالنذر» حديث (3313) ، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 422) وقال: «رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط الشيخين من رواية ثابت بن الضحاك». وابن حجر في «تلخيص الحبير» (4/ 180) ، وصحح إسناده.