حكم جوزة الطيب

ما حكم جَوْزة الطِّيب؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن ما كان مِن مثل هذه المواد مُسكِرًا أو مُخدِّرًا كان منهيًّا عنها، وإلا فهو على أصل الحِلِّ، وقد ذَكَر ابنُ حجر الهيتميُّ المتوفَّى سنة أربع وسبعين وتسعمائة هجرية نزاعَ أهلِ العِلْمِ في جوزة الطيب، فقال :: «عندما حدث نزاعٌ فيها بين أهل الحرمين ومصر واختلفتِ الآراء في حِلِّها وحرمتها طُرح هذا السُّؤال: هل قال أحدٌ من الأئمة أو مقلِّديهم بتحريم أَكْل جوزة الطيب؟ ومُحصَّلُ الجوابِ كما صرَّح به شيخُ الإسلام ابنُ دقيق العيد أنها مُسكِرةٌ، وبالغ ابنُ العماد فجعل الحشيشةَ مَقِيسةً عليها، وقد وافق المالكية( 1) والشافعية(2) والحنابلة(3) على أنها مُسكِرةٌ فتدخل تحت النصِّ العام: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»(4)، والحنفية(5) على أنها إمَّا مُسكِرةٌ وإما مُخدِّرةٌ، وكلُّ ذلك إفسادٌ للعقل، فهي حرامٌ على كلِّ حالٍ». انتهى(6).
وفي مؤتمر «الندوة الفِقْهية الطبية الثامنة، رؤية إسلاميَّة لبعض المشاكل الصحية، المواد المحرمة والنَّجِسة في الغذاء والدَّواء»، والمعقود بدولة الكويت، في الفترة من اثنين وعشرين إلى أربع وعشرين من شهر ذي الحَجَّة سنة 1415هـ، الذي يوافق اثنين وعشرين إلى أربعٍ وعشرين من شهر مايو سنة 1995 قالوا:
الموادُّ المُخدِّرة مُحرَّمةٌ، لا يَحِلُّ تناولُها إلا لغرضِ المعالجة الطبية المتعيَّنة، وبالمقادير التي يُحدِّدها الأطباءُ وهي طاهرةُ العين. ولا حرج في استعمال جَوْزة الطِّيب في إصلاح نكهة الطعام بمقاديرَ قليلةٍ لا تؤدِّي إلى التفتير أو التخدير.
وقال الشَّيخ الدكتور وهبة الزحيلي: لا مانع من استعمال القليل من جوزة الطيب لإصلاح الطعام والكعك ونحوه‏،‏ ويَحرُم الكثير‏؛‏ لأنها مُخدِّرة. والأحوط: هو القولُ بمنعها ولو كانت مخلوطةً مع غيرِها وبنسبةٍ قليلة، وما أسكر كثيرُه فقليلُه حرام.
فالذي نَخلُص إليه من ذلك أن القليلَ منها موضعُ نظرٍ بين أهل العِلْمِ، والاحتياطُ تَرْكُه، أمَّا الكثير منها فهو منهيٌّ عنه عند سوادهم الأعظم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في«منح الجليل» من كتب المالكية (1/46-47):«وأما المفسد ويسمى المخدر أيضا وهو ما يغيب العقل وحده بلا نشوة ولا طرب ومنه الحشيشة على المعتمد، والأفيون، والبرش، وجوزة الطيب».

(2) جاء في«تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (1/286-290):«… البنج والحشيش والأفيون وجوزة الطيب وكثير العنبر والزعفران فهذه كلها مسكرة».

(3) جاء في«الفتاوى الفقهية» من كتب الشافعية (4/229-231):«الذي صرح به الإمام المجتهد شيخ الإسلام ابن دقيق العيد إنها مسكرة ونقله عنه المتأخرون من الشافعية والمالكية واعتمدوه وناهيك بذلك بل بالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة على الجوزة المذكورة وذلك أنه لما حكى عن القرافي نقلا عن بعض فقهاء عصره أنه فرق في إنكاره الحشيشة بين كونها ورقا أخضر فلا إسكار فيها بخلافها بعد التحميص فإنها تسكر. قال والصواب إنه لا فرق؛ لأنها ملحقة بجوزة الطيب والزعفران والعنبر والأفيون والشيكران بفتح الشين المعجمة وهو البنج وهو من المخدرات المسكرات ذكر ذلك ابن القسطلاني في تكريم المعيشة ا هـ».

(4) سبق تخريجه (2003).

(5) جاء في«حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (6/457-461):« وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة قاله المصنف».

(6) انظر: «الزَّواجر عن اقتراف الكبائر» (1 / 417).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة, 16 الأطعمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend