ولاية الصبي في التزويج

هل ولاية الصبي لتزويج أمه تصح؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن البلوغ شرط مُعتبَر في الوليِّ عند جمهور الفقهاء(1)، فلا تجوز عندهم ولاية الصغير الذي لم يبلغ، مُميِّزًا كان أو غيرَ مميز؛ لأن مثل هذا الصغير لا ولاية له على نفسه، فأولى ألا تكون له ولاية على غيره.
ومن الأدلة على ما ذهب إليه الجمهور: حديث «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» ومنهم الصبي حتى يبلغ(2)، وحديث: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ»(3)، والرشد المُعتبَر هو ما يكون بعد البلوغ لا قبله.
وهناك روايةٌ للحنابلة(4) ذكرها ابن قُدَامة(5) وهي: أن الصبي إذا بلغ عَشْر سنين زَوَّج وتزوَّج؛ لأنه يصح بيعه ووصيته في طلاقه، فثبت له الولاية كالبالغ. وفي الباب حديثٌ يشهد لهذه الرواية، وهو حديث أم سلمة: أنها أمرت ابنَها عمر بن أبي سلمة ليُزوِّجها برسول الله ﷺ، وكان عمر غلامًا صغيرًا لم يبلغ الحُلُم، كما ذكر ابن حَجَر، إلا أن هذا الحديث في إسناده ضعف؛ ولهذا صحَّح ابن قُدَامة الرواية الأولى التي توافق قول الجمهور.
وقول الجمهور هو المُعتبَر؛ إذ الولاية على الغير لها كمال النظر الذي يكون بالبلوغ. والله أعلم.

_________________

(1) جاء في «بدائع الصنائع» من كتب الحنفية (2/238-241): «شرط ثبوت أصل الولاية فأنواع: بعضها يرجع إلى الولي وبعضها يرجع إلى المولى عليه وبعضها يرجع إلى نفس التصرف. أما الذي يرجع إلى الولي فأنواع. منها: عقل الولي. ومنها بلوغه فلا تثبت الولاية للمجنون والصبي؛ لأنهما ليسا من أهل الولاية».
وجاء في «حاشية العدوي» من كتب المالكية (2/45-47): «وشروط الولي الذكورة والحرية والعقل والبلوغ».
وجاء في «البجيرمي على الخطيب» من كتب الشافعية (3/387-392): «(ويفتقر الولي والشاهدان) المعتبرون لصحة النكاح (إلى ستة شرائط)… (الإسلام)… (و) الثاني (البلوغ، و) الثالث: (العقل) فلا ولاية لصبي ومجنون وليسا من أهل الشهادة».
وجاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (8/72-73): «قوله (وهل يشترط بلوغه وعدالته؟ على روايتين). أما اشتراط البلوغ: فأطلق المصنف فيه الخلاف. وأطلقهما في الهداية، والمستوعب، والخلاصة، والهادي. إحداهما: يشترط بلوغه. نص عليه في رواية ابن منصور، والأثرم، وعلي بن سعيد، وحرب. وهو المذهب. قال المصنف، والشارح: هذا ظاهر المذهب. قال في المذهب: يشترط بلوغه في أصح الروايتين. قال الزركشي: هذه الرواية هي المشهورة نقلًا واختيارًا. ويحتمله كلام الخرقي. قال في القواعد الأصولية: هذا المذهب نص عليه. واختاره أبو بكر وغيره وجزم به في المحرر، والوجيز، والمنور، وغيرهم. وقدمه في الكافي، والرعايتين، والحاوي الصغير، وشرح ابن رزين، والفروع، وغيرهم. قال في الكافي: وهو أولى. والرواية الثانية: لا يشترط بلوغه. فعليها: يصح تزويج ابن عشر. قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا بلغ عشرا: زوج وتزوج. قدمه في القواعد الأصولية. وعنه: اثني عشر».

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/101) حديث (24747)، وأبو داود في كتاب «الحدود» باب «في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا» حديث (4398)، والنسائي في كتاب «الطلاق» باب «من لا يقع طلاقه من الأزواج» حديث (3432)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المعتوه والصغير النائم» حديث (2041)، والحاكم في «مستدركه» (2/67) حديث (2350)، من حديث عائشة ل، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وذكره ابن الملقن في «البدر المنير» (1/91- 92) وقال: «قال صاحب الإمام: هو أقوى إسنادًا»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3287).

(3) أخرجه الشافعي في «مسنده» ص220، والبيهقي في «الكبرى» (7/112) حديث (13428) من قول ابن عباس ب.

(4) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (8/72-73): «قوله (وهل يشترط بلوغه وعدالته؟ على روايتين). أما اشتراط البلوغ: فأطلق المصنف فيه الخلاف. وأطلقهما في الهداية، والمستوعب، والخلاصة، والهادي. إحداهما: يشترط بلوغه. نص عليه في رواية ابن منصور، والأثرم، وعلي بن سعيد، وحرب. وهو المذهب. قال المصنف، والشارح: هذا ظاهر المذهب. قال في المذهب: يشترط بلوغه في أصح الروايتين. قال الزركشي: هذه الرواية هي المشهورة نقلًا واختيارًا. ويحتمله كلام الخرقي. قال في القواعد الأصولية: هذا المذهب نص عليه. واختاره أبو بكر وغيره وجزم به في المحرر، والوجيز، والمنور، وغيرهم. وقدمه في الكافي، والرعايتين، والحاوي الصغير، وشرح ابن رزين، والفروع، وغيرهم. قال في الكافي: وهو أولى.
والرواية الثانية: لا يشترط بلوغه. فعليها: يصح تزويج ابن عشر. قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا بلغ عشرا: زوج وتزوج. قدمه في القواعد الأصولية. وعنه: اثني عشر».

(5) «المغني» (7/21-22).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend