معاشرة الخاطب مخطوبته وظهاره منها

تقدَّمتُ لخِطبة فتاة عن حبٍّ ويقين، ثم طالت فترة خطوبتنا فكانت دائمًا خطيبتي تشكُّ في أنني على علاقة بأخرى مما أتعس خطبتنا، وأقنعتها بأنني لا أُحب غيرها، ولكي تتأكَّد اضطُررت إلى أن أؤكد لها، إلى أن انتهى المطاف إلى أنه يجب عليَّ أن أُقبِّلها وألمس يديها بل وكلَّ جسدها، وفعلت معها كلَّ ما يفعله الزَّوْج عدا تمام المعاشرة، فوجدتُها بَعُد عنها الشَّك، إلى أن مرَّت عليَّ فترة حدثت فيها مشاكل بالعمل فكنت لا أمارس معها تلك الأفعال، فعادت تَشُكُّ من جديد، وخصوصًا أن تلك الفتاة التي تغار منها تمَّ طلاقُها واتهمتني والدتها أنني زنيتُ بها، وخصوصًا أنه لا يوجد أيُّ مانع، وذهبت إلى منزلها وفضحتها، مع أنهم مصرون على أن أكمل معهم، ووالدتها علمت بما كان بيننا ففكَّرت أن أتركها فتركتُها، كما أنني حلفت بالحرام منها أنها محرمة عليَّ وأجد اليوم ناسًا يتدخلون للصلح. فهل تصحُّ تلك الفتاة زوجةً لي مع أننا كنا نُحب بعضنا كثيرًا؟ ولو رجعت ماذا أفعل لها ولليمين؟ وماذا لو تركتها؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد لعب بكما الشَّيطان وسوَّل لكما وأملى لكما، إن المخطوبة أجنبيَّة، والخِطبة لا تُحل حرامًا في العلاقة بين المخطوبَيْن، فما فعلتَه معها لا يحل لك، وإن زيَّن لك الشَّيطان أنه طريق لترضيتها وإزالة شكوكها فبئس ما زيَّنه لك، وبئس ما قبلته منه، ولقد كانت النتيجة الطبيعية لهذا العصيان أن تئول الأمور إلى هذه النهايات البئيسة الأسيفة، ولكن لا يعظم ذنب على التَّوْبة إن أردت أن تُصلح ما فسد وأن تُعيد بناءَ ما تهدَّم، فلا تزال أبوابُ ربِّك مفتوحةً على مصراعيها، ولا يزال ربُّك يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل(1)؛ فاجمع شتات أمرك وشتات همتك، وجدِّد توبةً صادقة نصوحًا، وبيَّن لها ذلك، فإن استجابت لك واستشعرَتْ حرقة الندم وآنَسْتَ منها صدق الرَّغْبة في استكمال المسيرة على نقاءٍ وعلى صفاء فلا بأس من أن تستأنف صلتك بها، وأن تُبادر إلى عقدك عليها على الفور حتى تزول الحواجز الشَّرْعية التي تمنعكما من الاستمتاع، لاسيَّما وأنك قد عودتها على ذلك في طريق الخطيئة.
وأما حلفك بالحرام فلا قيمة له، لأنه لم يصادف محلًّا- وهو الزوجية- فيُعتبر لغوًا؛ لأنها حتى هذه اللحظة لا تزال أجنبيَّةً، فكِّر في أمرك جيدًا، فإن قويت على ذلك فاستَخِرْ ربَّك وأقبل عليه، وإلا فارقتها وتركتها لأقدار الله عز و جل  يفعل الله بكما ما هو أهل له.
واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «استحباب الاستغفار والاستكثار منه» حديث (2703) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ».

وأخرج أيضًا في كتاب «التوبة» باب «قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب» حديث (2759) من حديث أبي موسى رضي الله عنه  عن النبي ﷺ قال: ««إِنَّ اللهَ عز و جل  يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 11 التوبة, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend