قضية نسب

والله أنا أخجل من حالي؛ لأنه سيبدو لديكم بما لايَسُرُّ؛ فالقضيَّة الآن لا تخصُّني، بل تخصُّ أمي غفر الله لها. عشنا كلنا ظروفًا صعبة، عائلتي وإخوتي، نتيجةَ الانفصال، ولكن هذا كان قد حدث قبل زواج أمي وأبي :، فقد كانت أمي حاملًا بأخي الأكبر من رجل كان أستاذها في الدِّراسة، أي لم يكن ولدًا شرعيًّا، وقد تعرَّفت على والدي : وسترها ووضع الطفل على اسمه، وإلى أن مات لم يَبُحْ بهذا الأمر، وكان يعتبره ولده.
ولكن المشكلة أن أخي حتى الآن لا يعرف أنه ولدٌ لرجل آخر، وقد عرفتُ أنا من خالتي وجَدَّتي واضطررت لإخبار أخي الصغير الحقيقيِّ وأختي أيضًا حتى لا يكون هناك شيءٌ على أبي، وبالأحرى للتخفيف. والمشكلة أن أخي الكبير يعاني من مشاكل التَّوتر، وقد يُعرض نفسه للأسوأ إذا علم بشيء كهذا؛ لذلك لا أستطيع لا أنا ولا إخوتي أن نخبره بهذا الأمر، وقد تزوَّج ابنة عمِّي على أساس أنها ابنة عمِّه وهي لا تعلم أنه ليس ابن عمِّها، وحتى أمي لا تعلم أننا نعرف.
وقد تفاديت إخبارها حتى لا أحرجها، ولكننا كنا قد اتَّفقنا أنا وإخوتي على أن نسامحها هي وأبي حتى في قضية الميراث ويمكنه أن يرث مثلنا في ميراث أبي :.
القضية معقدة وليست سهلة، وعدم استقرارنا في حياتنا كان سببُه وضعَ العائلة السَّيئ، وقد تجاوز أخي الصغير ذلك برجوعه إلى الله، وهو ملتزم في الدِّين. أفيدونا في أمرنا هذا وفَّقكم الله تعالى.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أحسن أبوك : وأساء، أما إحسانُه فيتمثَّل في ستره على أمِّك وإعانتها على التَّوبة واستئناف حياة العفاف والفضيلة والطهر، أما إساءته فتتمثَّل في كونه يتبنَّى طفلًا ليس له وينسبه إلى نفسه، وذلك من الكبائر ومن المُحرَّمات القطعيَّة في الشَّريعة؛ فقد قال تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: 5].
بقيت الآن الاعتبارات العمليَّة في هذه القضية.
أما زواجه بابنة عمِّك فلا حرج فيها؛ لأنها تَحِلُّ له على كلِّ حالٍ، سواء أكان ابن عمِّها فعلًا أم لم يكن، وأما تطييبكم نصيبًا له من الميراث يُقدَّم له هديةً أو هبة أو وصية فلا حرج، فأنتم أصحاب الشَّأن عندما يئول أمر التَّركة إليكم في المستقبل بإذن الله.
وبقيت مسألةُ إخباره بحقيقة الحال، فإنني مُقدِّر لحجم الصَّدمة التي سيتعرَّض لها عندما يواجه بهذه الحقيقة التي خفيت عليه طوال هذه المدة، ولكن يمكن التلطف في إعلامه بها والتدرج في ذلك، ولسنا في عجلة من أمرنا الآن لعدم ترتُّب نتائج عمليَّة عاجلة على هذا العلم.
ونسأل الله أن يلطف بنا وبكم فيما جرت به المقادير، وقد أحسن أخوك إذ فرَّ إلى ربِّه من هذه المحن، فوجد في كنفه السَّكينة والطمأنينة. فافعلي فعله وسترين من بركات ربِّك وألطافه ما لم يكن يخطر لك على بال. وفَّقنا الله وإيَّاك إلى ما يحبه ويرضاه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend