شيخي، هنا بإيطاليا لا يوجد هذا المجلس الإسلامي.
شكرًا جزيلًا على الإجابة ولكن هنا بالغرب لا يوجد شي اسمه بموافقة أبيها؛ لأن الأب عندما تصبح بنته في 18 من عمرها يتركها حرَّة وﻻ يسألها أبدًا، فهي حرة برأيها، هل يجوز ذلك وهي مسلمة؟
سمعت فتوى تقول أن البنت البالغة الراشدة تزوج نفسها بنفسها على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فعجبٌ قولك أنه لا يوجد في إيطاليا هذا المجلس الإسلامي، أنا أحدثك يا بني عن مسجد تؤمُّه الجالية، ألا يوجد مثل هذه المسجد قريبًا منك في إيطاليا؟ اذهب إلى إمامه وقصَّ عليه القصص، وهو يتولى أمرَك بإذن الله.
وأعجبُ من ذلك قولك: «ولكن هنا بالغرب لا يوجد شيء اسمه بموافقة أبيها لأن الأب عندما تصبح بنته في 18 من عمرها يتركها حرة وﻻ يسألها أبدا فهي حرة برأيها هل يجوز ذلك وهي مسلمة».
إذا كان يا بني لا يوجد هذا في الغرب فإنه يوجد في الإسلام، حيث قال نبي الإسلام: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»(1)، وقد أعطيتك حلًّا في حالة انعدام الوليِّ أو امتناعه من التزويج من الكفء، وهذا الحلُّ أرشَدَ إليه نبي الإسلام كذلك، في قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»(2). والسلطان هنا هو إمامُ الجالية الذي يتولى هذه المسائل.
وأنا أعيش مثلك في الغرب في الولايات المتحدة منذ ربع قرن يا ولدي ونتعامل مع هذه المسائل بسلاسة ويسر، ولكن يبدو أنك لا ترتاد المساجد ولا تعرف طريقك إليها، وتلك لعمر الله قاصمة الظهر، فبادِر يا بنيَّ إلى التعرف على جماعة المسلمين، وإلى البحث عن المسجد الذي تؤمه لصلاة الجمع والجماعات والأعياد ونحوها، فإن هذا هو أول طريقك للخروج من هذه المحنة، فالمساجد في الغرب هي سفينة نوح مَنْ ركبها نجَا ومن تخلف عنها غرق.
واعلم يا بني أنه من سرَّه بُحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد(3)، إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(4).
وفقك الله يا بني إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) فقد أخرج ابنُ حبان في «صحيحه» (9/ 386) حديث (4075) من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»، وقال: «لا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 176) وقال: «هو كما قال ابن حبان، وله طرق أخرى فيها ضعف لا حاجة إليها معه».وأخرج أحمد في «مسنده» (6/ 66) حديث (24417)، وأبو داود في كتاب «النكاح» باب «في الولي» حديث (2083)، والترمذي في كتاب «النكاح» باب «ما جاء لا نكاح إلا بولي» حديث (1102)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «لا نكاح إلا بولي» حديث (1879) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 187) وقال: «رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال الترمذي: حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن الجوزي: رجاله رجال الصحيح. وقال ابن معين: إنه أصح حديث في الباب»، وكذا صححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1840).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 47) حديث (24251)، وأبو داود في كتاب «النكاح» باب «في الولي» حديث (2083)، والترمذي في كتاب «النكاح» باب «ما جاء لا نكاح إلا بولي» حديث (1102)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «لا نكاح إلا بولي» حديث (1879)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 182) حديث (2706). كلٌّ من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/187) وقال: «قال ابن الجوزي: رجاله رجال الصحيح. وقال ابن معين: إنه أصح حديث في الباب»، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1840).
(3) فقد أخرجه أحمد في «مسنده» (1/18) حديث (114)، والترمذي في كتاب «الفتن» باب «ما جاء في لزوم الجماعة» حديث (2165) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ؛ أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْـجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْـجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْـمُؤْمِنُ»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(4) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في التشديد في ترك الجماعة» حديث (547)، والنسائي في كتاب «الإمامة» باب «التشديد في ترك الجماعة» حديث (847)، والحاكم في «مستدركه» (1/330) حديث (765)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْـجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ»، وقال الحاكم: «هذا حديث صدوق رواته شاهد لما تقدمه، متفق على الاحتجاج برواته إلا السائب بن حبيش وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات»، وذكره النووي في «خلاصة الأحكام» (2/ 655) وقال: «رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح».