زواج المسلم الذي يجريه القس في الكنيسة

تنص قوانين المحاكم في ولاية «فرجينيا» على كل من يرغب في الزواج الحصول على ترخيص بالزواج من إحدى المحاكم المحلية، يخير بعدها بإكمال إجراءات الزواج وفق معتقده. فما حكم الزواج الذي يجريه مأذون غير مسلم؟ والزواج الذي يجريه القسيس في الكنيسة بين رجل مسلم وامرأة نصرانية؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الزواج عقد من العقود الشرعية التي يجب إجراؤها على مقتضى الكتاب والسنة، وقد فصلت الشريعة المطهرة أحكامه بدءًا ودوامًا وانتهاءً ومقاصد، فليس لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبدل شيئًا من أحكامه، أو أن يخرج به عن مقاصده الشرعية.
ولا حرج في السعي للحصول على ترخيص بالزواج من السلطات الأمريكية متى تعين ذلك وسيلة لتحصيل بعض المصالح الشرعية؛ فإن هذا لا يعدو أن يكون إجراء إداريًّا لا علاقة له بمضمون العقد، ولا بما قررت له الشريعة المطهرة من الأحكام.
أما إجراء العقد ذاته على يد قس من القسس وداخل كنيسة من الكنائس، فذلك لعمر الحق مسلك لا يجتمع مع الإيمان وما يقتضيه من البراءة من الشرك بحال من الأحوال.
إن القسس يجرون هذه العقود باسم ما يعتقدونه من الإشراك بالله، ويستهلون مراسمها باسم الأب والابن والروح القدس كما هو معتقد القوم، ويجرونها وفقًا للطقوس الكنسية، فكيف يسوغ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقبل بمناسك الشرك، وأن يؤسس حياته على قاعدة من العبودية لغير الله؟!
قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]، وقال تعالى:﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة: 120]، وقال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: 49].
إن الأقرب في عقد الزواج الذي يجري على هذا النحو هو البطلان، لقيامه على غير شريعة الله، وكل ما كان كذلك فهو رد، كما قال ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(1).
وعلى من تورط في شيء من ذلك أن يبادر إلى التوبة إلى الله عز و جل ، وأن يستأنِفَ عقدَ نكاحه على الكتاب والسنة، وأن يكون دائمَ السؤال لأهل العلم عما يعرِضَ له من أمور دينه؛ حتى لا يتورطَ في مثل هذه المهلكات. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلح» باب «إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود» حديث (2697)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور» حديث (1718) من حديث عائشة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 09 نواقض الإيمان.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend