زواج الزوج المسحور من زوجته

أنا من الجزائر، أودُّ أن أطرحَ عليكم قضيَّة أخي الذي سُحر من طرف زوجته.
أخي تزوَّج منذ عامٍ، وقد تمَّ سحره من طرف زوجته، ووجدنا حرزًا صغيرًا به أشياءُ وطلاسم والعياذ بالله، أعاذنا الله وإيَّاكم، وقد أصبح عاقًّا لوالدتي بعدما كان بارًّا بها، فأصبح يصرخ عليها ويقول لها: ادعي ما تشائين لا أُبالي، النار، وأين الـمُشكِل في أن أدخل النار! أعاذنا الله منها وإيَّاكم.
وزوجته تصرخ عليه وتشتمه، وقد فعلت أشياءَ حقيرةً وحقيرة جدًّا ومع ذلك لا يَرُدُّ لها أيَّةَ كلمة، بل الأدهى والأَمَرُّ أنه يطلب رضاها مهما فعلت له وشَتَمَتْه وأهانته… إلخ. أما والدتي فيُسمعها ما لا ترضاه.
والآن أُريد أن أعرفَ ما حكم زواجه وهو مسحور؟ وزوجته سحرته من طرف عائلتها، هل الشَّرع يُجيز أن نُطلِّقَها منه؟ جزاكم اللهُ خيرًا، وتحيات أخيكم في الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فأرجو ألا نُلقي التُّهَم جزافًا، والأصل أن البيِّنة على من ادَّعى(1)، فإذا ثبت يقينًا لجوءُ الزَّوجة إلى السِّحْر وتعاملها مع السَّحَرة للتَّأثير على زوجها فقد ارتكبت فاحشةً وإثمًا مُبينًا، وأمامها التَّوْبة إلى الله عز و جل ؛ إذ لا يَعظُم ذنبٌ على التَّوْبة، وزواجهما في ذاته صحيح، ولا علاقة لما فعلته الزَّوجة بصِحَّة الزَّواج أو بُطْلانه؛ لأننا لا ندري هل كان سِحرُها له سابقًا على زواجه منها أم كان لاحقًا لذلك، والأصل صحةُ العقود واستقرارها، لا ينتقض شيءٌ من ذلك إلا ببينة قطعيَّة، أما زوجها فهو مُخيَّر بين أن يُقِيلَ عَثْرَتَها ويتجاوز عن زلَّتها أو أن يُفارقها.
ونسأل الله أن يحمله في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما جاء أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه» حديث (1341)، والبيهقي في «الكبرى» (8/123) حديث (16222)، والدارقطني في «سننه» (3/111) حديث (99)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ب. ولفظ الترمذي: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْـمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْـمُدَّعَى عَلَيْهِ». ولفظ البيهقي والدارقطني: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ». وقال الترمذي: «هذا حديث في إسناده مقال»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/287) وقال: «رواه الدارقطني والبيهقي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد مقارب».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend