حول الزواج بالكتابية

من أراد أن يتزوج امرأة كتابية عندها أولاد:
1) هل هو مُطالَب بسؤال المرأة إذا كان أولادُها من نكاحٍ أو مخادنة؟ إذا كان من مخادنة هل يحلُّ له الزواج منها؟ وقد جاء في سورة «النور»: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [النور: 3]؟
2) كيف يمكن أن تتوب المرأة من الزنى إذا ظلت كتابية؟ وإذا أسلمت هل الإسلام يجبُّ الزنى؟
3) برجاء التكرم بذكر ما يمنع الزواج من الكتابية، كجحود الخالق مثلًا؟
بارك الله فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الكتابية هي التي تُعلن انتماءها المجمل إلى اليهودية أو النصرانية، ولا عبرة بما أصاب هذه الديانات من التحريف؛ فقد كان هذا التحريف موجودًا منذ زمن النبوة ولم يمنع ذلك من حِل طعامهم وإباحة نسائهم، كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 5].
وشرطُ الإحصان ليس خاصًّا بنساء أهلِ الكتاب، بل هو عامٌّ في المسلمة والكتابية؛ لقوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 3].
أما من أعلنَت إلحادَها من الكتابيات أو من غيرهم، أو اعتناقها لملة وثنية، فهذه لا يحل نكاحها؛ لأنه ليس للمسلم أن يتزوج إلا بالمسلمة أو الكتابية: اليهودية أو النصرانية.
والعقد على الكتابية العفيفة صحيح، والزواج بها مشروع مع الكراهة، خلافًا لمن ذهب إلى بطلانه أو قال بنسخ إباحته من أهل العلم.
والمراد بالعفة هنا هو العفة عن الزنى، سواء أكانت لم تزنِ قط من قبل، أو زنت ثم تابت من الزنى، وتوبتها من الزنى تكون بندمها على ما كان منها في الماضي، والإقلاع عنه في الحاضر، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل.
ولا يتعين سؤال من آنسنا منها صدق توبتها عن أولادها السابقين وعما إذا كانوا من نكاح أم من سفاح؛ فإن التوبة تجبُّ ما قبلها، وإذا أسلمت الكتابية فإن الإسلام يجب ما قبله.
وللزواج بالكتابيات- وإن كان مشروعًا- له مخاطره البالغة، منها خشية كساد المسلمات، أو تعاطي غير العفيفات، ونحوه.
ومنها ما أسفرت عنه التجارب المعاصرة من آثار خطيرة على مستقبل الناشئة في حالات الطلاق، أو التفريق بين الزوجين التي تكثر في مثل هذه الحالات، ولاسيما في ظلِّ حالة الضَّعف التي تعيشها الأمة عامة وأقلياتها المهاجرة خاصة في هذه الأيام؛ فننصح بالرويَّة والأناة، والسعيد من وُعظ بغيره. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend