حقوق الطفل عند ولادته

سيدي الدكتور، أود أن أسأل عن واجباتنا نحو المولود الجديد؟ مثلًا العقيقة، ومتى تقام؟ وهل صحيحٌ الختانُ في اليوم السابع؟ وما هي أحسن الأسماء للذكور؟ وما الذي يشرع ويجب القيام به نحو المولود الجديد؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الصبي- كما قال الغزالي-: «أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقشٍ وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يُمال به إليه؛ فإن عُوِّد الخير وعُلِّمَه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكلُّ مُعلِّمٍ له ومؤدب، وإن عُوِّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه والوالي له»(1).
وهناك باقة من الحقوق كفلتها الشريعة للأطفال الجدد، أسوق لكم منها طرفًا مما نصَّت عليه وثيقة مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا للأحوال الشخصية:
المادة (14): للطفل عند ولادته الحق في إحسان تسميته، وإبداء السرور والبشرى بمقدمه، لا فرق في ذلك بين الذكور والإناث، ويحرم التسخُّط بالبنات، فإنهن هبة الله جل وعلا للأبوين كالذكور.
المادة (15): للطفل الحقُّ في الانتساب إلى أبويه الشرعيين؛ ولهذا تَحْرُمُ- بناء على ذلك- جميع الممارسات التي تشكك في انتساب الطفل إلى أبويه، كاستئجار الأرحام أو بنوك المني ونحوه.
المادة (16): للطفل الرضيع الحق في أن تُرضعه أمه، إلا إذا منع من ذلك مصلحة الرضيع، أو الضرورة الصحية للأم.
المادة (17): للطفل الحقُّ في الحضانة: تنشئة، وتربية، وقضاء لحاجاته الحيوية والنفسية، والأم أحق بحضانة طفلها، ثم من تليها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
المادة (18): يمتدُّ الحق في الحضانة ليشمل الأطفال اليتامى، واللقطاء، وذوي الاحتياجات الخاصة، واللاجئين، والمحرومين بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئتهم العائلية، وتكون حضانتهم عندها فرضًا كفائيًّا على المجتمع المسلم.
أما العقيقة فهي الشاة التي تذبح عن الولد في يوم سابعه، وهي من أهم حقوق الطفل بعد ولادته، فهي سُنَّة ثابتة عن رسول الله ﷺ عند جمهور العلماء؛ قال ﷺ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ؛ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى»(2).
والسُّنة في العقيقة أن يذبح عن الولد شاتان، وعن البنت شاة؛ فعن أم المؤمنين عائشة ل قالت: قال رسول الله ﷺ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْـجَارِيَةِ شَاةٌ»(3).
وأما الختانُ فهو شريعة من شرائع الإسلام، والأمر في توقيته واسع، ولا نعرف دليلًا صحيحًا يحدد وقت الختان، وإنما هي أقوال للفقهاء المتقدمين رحمهم الله تعالى، ومنها:
قول الماوردي: «له وقتان، وقت وجوب، ووقت استحباب، فوقت الوجوب البلوغ، ووقت الاستحباب قبله، والاختيار في اليوم السابع من بعد الولادة فإن أُخِّر ففي الأربعين؛ فإن أُخِّر ففي السَّنة السابعة».
وقال إمام الحرمين: «لا يجبُ قبل البلوغ؛ لأن الصبيَّ ليس من أهل العبادة المتعلِّقة بالبدن، فكيف مع الألم».
وقال أبو الفرج السرخسي في ختان الصبي وهو صغير: «مصلحة من جهة الجلد، بعد التمييز يغلظ ويخشن، فمن ثَمَّ جوز الأئمة الختان قبل ذلك».
وقال الإمام مالك: «يحسن إذا أصغر من ذلك، يكون في السبع سنين وما حولها»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________________

(1) «إحياء علوم الدين» (3/72).

(2) أخرجه البخاري في كتاب «العقيقة» باب «إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة» حديث (5471) من حديث سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه.

(3) أخرجه الترمذي في كتاب «الأضاحي» باب «ما جاء في العقيقة» حديث (1513) وقال: «حسن صحيح».

(4) «فتح الباري» (10/342-343).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend