شاب وفتاة يرغبان في الزواج. ولكن قبل اتفاق الزواج اتفقا على أن يتعرفا على بعضهما من خلال قاعات الدراسة والمكتبة، وقائمة الطعام، واللقاءات العامة الأخرى، من غير أن يختليا معًا. فإذا ما اقتنعا على المضي قدمًا في الزواج طلبا من الأهل الموافقةَ على عقد القران. فما حكمُ الشريعة المطهرة في مثل هذه العلاقة التي قُصِدَ بها التأكدُ في مناسبة الزوجين لبعضهما قبل الشروع في تجربة لا يعلم مصيرها إلا الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
مشروعية نظر الخاطب إلى المخطوبة مما دلت عليه السنة المطهرة، وانعقد عليه إجماع أهل العلم.
وإلى مشروعية النظر إلى المخطوبة من السنة المطهرة يُشير حديثُ سَهْلِ بن سعد: أنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْـمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ. متفق عليه.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله: أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا».
وحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة فقال له النبي: «انْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا».
وقد انعقد إجماعُ أهل العلم على أصل مشروعية النظر إلى المخطوبة، وإن حدث خلاف في القدر الذي يحل للخاطب أن يراه من المخطوبة.
وإننا كما نؤكد على مشروعية الخطبة، وحلِّ أن ينظر كل من راغبي الزواج إلى الآخر، وأن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما كما صرحت بذلك الأحاديث؛ فإننا نؤكد أيضًا أن المخطوبة أجنبية، وأنه لا يحلُّ لخاطبها أن يراها وهي متجردة، ولا أن يخلو بها، ولا أن يسافر معها بغيرِ محرمٍ؛ إذ لا يحل شيء من ذلك إلا بالعقد، وقد انعقد على ذلك إجماع أهل العلم.
وقد صدر بهذا العديد من الفتاوى الرسمية من كثير من دور الإفتاء في العالم الإسلامي، نذكر منها على سبيل المثال: دار الإفتاء المصرية؛ فقد صدرت عنها فتوى في عهد الشيخ حسن مأمون :، وفيها التأكيدُ على مشروعية رؤيةِ الخاطب لمخطوبته في حضور أحدِ محارِمِهَا، وعدم مشروعية اختلائه بها وخروجهما معًا منفردين كما يفعل بعض الشباب الآن، وأن هذا مما أجمع المسلمون على تحريمه؛ لأنها لا تزال أجنبيةً حتى يتمَّ بينهما عقدُ الزواج.
كما صَدَرَتْ بذلك فتوى أخرى في عهد الشيخ حسنين مخلوف : عندما سئل: هل يجوز لمن يخطب فتاةً أن يذهب بها وحدها إلى السينما ونحوها، أو يختلي بها في غير رقابة من أهلها؟ فأجاب بقوله: إن هذه الفتاة أجنبية من خاطبها، والخلوة بها قبل العقد محرمة شرعًا، فلا يجوز لهما ذلك شرعًا، وهو ذريعة من ذرائع الفساد في المجتمع، والتهاون فيه نذير شرٍّ مستطير، وكم كانت له نتائج خطيرة، فليحذر المسلمون ذلك، وليقفوا عند حدود الله وشرائعه. والله تعالى أعلى وأعلم.
حديث الشاب مع الفتاة للتعرُّف قبل الخطبة
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 05 النكاح