تزويج الفتاة نفسها بمن تحب لعضل وليها

ما حكم زواجي من ابن عمي بدون موافقة أبي أو أبيه الذي هو عمي؟
فكلٌّ منهما لا يوافقان على هذا الزواج بدون أي أسباب، غير أن بينهما بعض العداوة القديمة، فهل يصحُّ أن نتزوج بدون موافقة أبي، أم سيكون زواجنا هذا باطلًا؟
مع العلم سيدي أننا نحب بعضنا البعض بشدة منذ إحدى عشرة سنة، وهو لا ينقصه شيء خلقًا ودينًا ومادة، ونريد أن نكون معًا في حلال الله.
أرجو الإفادة سيدي. وشكرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإنه لا نكاح إلا بولي، وهذا هو ما صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم(1)، وعليه جماهير أهل العلم(2)، ولكن إذا عضل الأولياء وامتنعوا عن التزويج بغير مسوغ شرعيٍّ رُفع الأمر إلى السلطان ليتولى أمرَ التزويج بنفسه باعتبار ولايته العامة، أو يأمر من يلي الولي العاضل في سلم الولاية بالتزويج؛ وذلك لحديث: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»(3).
فلا تعجلي يا بنيتي، بل وسِّطي من الشفعاء من تتوقعين أن يقبل والدُك وعمُّك بشفاعتهم؛ فإن أعجزكما ذلك فارفعا أمركما إلى السلطان، وهو يتولى أمرَ تزويجكما، ولكن ينبغي أن يكون ذلك نهايةَ المطاف بعد استنفاد كلِّ الوسائل الأخرى. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) فقد أخرج ابنُ حبان في «صحيحه» (9/ 386) حديث (4075) من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»، وقال: «لا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 176) وقال: «هو كما قال ابن حبان، وله طرق أخرى فيها ضعف لا حاجة إليها معه».
وأخرج أحمد في «مسنده» (6/ 66) حديث (24417)، وأبو داود في كتاب «النكاح» باب «في الولي» حديث (2083)، والترمذي في كتاب «النكاح» باب «ما جاء لا نكاح إلا بولي» حديث (1102)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «لا نكاح إلا بولي» حديث (1879) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 187) وقال: «رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال الترمذي: حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن الجوزي: رجاله رجال الصحيح. وقال ابن معين: إنه أصح حديث في الباب»، وكذا صححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1840).

(2) جاء في «حاشية العدوي» (2/49) من كتب المالكية (قوله ( وهو شرط صحة ) أي الولي شرط صحة قوله ( ولا المرأة نفسها الخ ) مطلقا بكرا كانت أو ثيبا شريفة كانت أو دنية رشيدة أو سفيهة أمة أو حرة أذن وليها أم لا لا يجوز ذلك بوجه).
وجاء في «نهاية المحتاج» (6/244) من كتب الشافعية: «لا تزوج امرأة نفسها ولو بإذن من وليها ولا غيرها ولو بوكالة من الولي بخلاف إذنها لقنها أو محجورها وذلك لآية فلا تعضلوهن إذ لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير».
وجاء في «الإنصاف» (8/50) من كتب الحنابلة (قوله : “الثالث الولي فلا نكاح إلا بولي”.
هذا المذهب أعنى الولي شرط في صحة النكاح وعليه الأصحاب ونص عليه قال الزركشي لا يختلف الأصحاب في ذلك. وعنه ليس الولي بشرط مطلقا. وخصها المصنف وجماعة بالعذر لعدم الولي والسلطان. فعلى المذهب “لو زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح”. وهو المذهب وعليه الأصحاب).

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 47) حديث (24251)، وأبو داود في كتاب «النكاح» باب «في الولي» حديث (2083)، والترمذي في كتاب «النكاح» باب «ما جاء لا نكاح إلا بولي» حديث (1102)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «لا نكاح إلا بولي» حديث (1879)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 182) حديث (2706). كلٌّ من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 187) وقال: «قال ابن الجوزي: رجاله رجال الصحيح. وقال ابن معين: إنه أصح حديث في الباب»، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1840).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend