تجديد عقد نكاح الزاني بمن زنى بها لعدم الاستبراء

قبل أن أطَّلع على فتواكم بأن زواجَ الزاني ممن زنى بها دون استبراء هو زواجٌ حلالٌ وشرعي.
وكنت قد استفتيتُ العديدَ من العلماء في بلدي، وهو على المذهب المالكي، فقالوا لي كلهم: إنه ما دُمتُ رُزِقتُ بأولادي بعد فترة طويلة من العقد، فلا حرج عليَّ، والعقد حلال وشرعي، ولا حاجة لتجديد العقد، ولاسيما أن الزوجةَ حاضت لمدة طويلة، وأن العلة من الاستبراء قد انتفت؛ إذ لم تكن زوجتي حاملًا بعد العقد. إلا واحدًا قال لي: إن الأولاد لا مشكلة فيهم، ولكن عقد النكاح يُعَد فاسدًا، ويجب إصلاح شرط الاستبراء بأن أترك زوجتي تحيض ثلاث حيضات ثم أعقد عليها من جديد. وهو ما قررت أن أفعله؛ خروجًا من الخلاف. وحين استفتيته كانت زوجتي حائضًا، فقال لي: أن اعتبرها الأولى، وأن زِدْ عليها اثنتين، كما يمكنني البقاء في المنزل مع زوجتي وأولادي، بشرط اجتناب الخلوة.
إلا أن زوجتي لم تقدر على لبس حجابها في المنزل، كما أنها كانت تضطر أحيانًا إلى الدخول إلى الغرفة التي أكون نائمًا فيها لأخذ بعض الحاجيات والانصراف، كما أنها صاحبتني هي وأخي حين اضطررت للسفر من أجل التطبيب، واضطررنا أن نبيت نحن الثلاثة في غرفة واحدة دون أن يلتفت أحدنا للآخر.
أما بالنسبة إلى الطعام كنا نجلس على مائدة واحدة بصُحبة الأبناء حين كنت متواجدًا بالمنزل، ويعلم الله أنه طيلة مدة شهرين لم أكن أرفع وجهي للنظر لزوجتي إلا وأنا مضطر، ولم يحصل هذا إلا نادرًا؛ حتى إن زوجتي أُصيبت بحالةٍ من الإحباط؛ إذ غالبًا ما أتحدث إليها وأنا أطأطئ رأسي أو أنظر إلى جهة أخرى.
وبعد مرور شهرين من المعاناة جدَّدتُ العقدَ بحضور الوليِّ والشهود، دون أن أُطلِع الولي على السبب الحقيقي، وبصداقٍ جديد.
هل ما حصل لي أثناء الشهرين يَضُر بتجديد العقد؟ أم أنه شرعي؟ وما هو حكم زواجي؟
أرجوكم شيخنا أن تُجيبوني بما يُعينني على تحصين نفسي من الوساوس التي لا تكاد تفارقني. و جزاكم الله عنا كل خير.

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلقد شققت على نفسك، وما كان يلزمك هذا الذي شققت على نفسك به، وقد أفتاك الجمهور ممن استفتيتهم بصحة نكاحك.
على كل حال، لعل هذه المعاناة تكون كفارةً لكما عما سبق منكما من كبوات. وما ذكرته من نظرٍ عند الضرورة ونحوه لا يؤثر في صحة النكاح حتى مع افتراض فساد العقد ووجوب تجديده.
ووصيتي لك ألا تكثر من القفز بين المفتين؛ فإن هذا يُشتِّتك ويُدخلك في أمواجٍ من القلق والوساوس، بل أحسن اختيار من تستفتيه من البداية، والزم غرزه، إلا إذا بَقِيَت في نفسِك بقيةٌ من رِيبة.
ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend