بين معاشرة الزوجة بالمعروف والفهم الخطأ للنصوص

والله إني أكتب لك هذه الرسالة والعبرة في عيني وصلت إلى مرحلة أقول بها: لماذا ظلم الإسلامُ المرأةَ؟ فزوجي يمنع عني المالَ بحجة أن الإسلامَ حدَّد الكفايةَ بالمأكل والمشرب والكسوة، ولم يُحدِّد سقفًا لذلك، ومنعني من زيارة رفاقي فمِن حقِّه منعي من الخروج من المنزل بحجة أن سيدنا عمر بن الخطاب منع زوجته من الذَّهاب إلى المسجد، فما بالك بالثانويات من الأمور، ويجبرني على زيارة أقاربه بحجة صلة الأرحام، ويجبرني على الفراش وأنا أكون مُبغِضة لمعاملته لي بحجة لعنة الملائكة، ولكن كيف حلَّل الإسلام اغتصابَ المرأة الجسديَّ والنَّفسيَّ؟! بالله قل لي يا شيخي، أنا في غربة في كندا وأريد طاعة ربِّي ولي ولدان، فبالله قل لي يا شيخي ماذا أفعل؟ أجبني عن حدود الإنفاق في الإسلام، من يُحدِّد الحاجة؟ وكيف؟ وعن حدود طاعة المرأة لزوجها فهل جعلنا الإسلام إماءً محرومات من الاختيار؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فينبغي التَّفريق بين الإسلام الذي شرعه الله عز وجل  من ناحيةٍ والقراءة المغلوطة له مِن قِبَل بعض النَّاس من ناحيةٍ أخرى، وكم ضُيِّع الإسلامُ بين حقد أعدائه وعداوتهم وجهل بعض أبنائه وغفلتهم!
إن المرأة يا بنيتي وصية رسول الله في بيت زوجها الذي قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»(1)، والذي قال: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ الله، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله»، بل وصية ربِّي جل وعلا الذي قال: عز وجل  ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 19].
وعندما جاءت هند إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  تشكو إليه شُحَّ زوجها أبي سفيان أَذِن لها أن تأخذ ما يكفيها وبنيها من ماله بالمعروف ولو كان ذلك بغير علمه!
ومن المعاشرة بالمعروف أن يأذن لها بزيارة رفقتها، وأن يأذن لها بزيارة أرحامها وصلتها في غير وَكْسٍ ولا شطط. ومن جانبها لا ينبغي أن تُسرف في هذه الزِّيارة أو الاستزارة، وأن يكونَ التماسها ذلك بالمعروف.
ومن المعاشرة بالمعروف أن يُراعي حالتها النَّفسيَّة عندما يطلبها للفراش، فقد قال ربِّي جل وعلا: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
إن الذي يظهر لي أن هذا الزَّوجَ- إن صحَّ ما تذكرين- في حاجةٍ إلى شيءٍ من المناصحة من قبل بعض أهل العلم ليتمكَّن من وضع الأمور في نصابها. ونسأل اللهَ أن يرده إليه ردًّا جميلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «الوصاة بالنساء» حديث (5186)، ومسلم في كتاب «الرضاع» باب «الوصية بالنساء» حديث (1468) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend