بين خِطبة المحبوبة ومعارضة الأهل

سيدي الفاضل، مشكلتي عويصة وعويصة جدًّا جدًّا، وهي تتمثَّل باختصار في خلاف كبير بيني وبين عائلتي كلها، بخصوص الزَّواج من فتاة من خارج البلد التي يعيش فيها عائلتي، ومضمون المشكلة كالآتي:
عائلتي تعيش منذ أكثر من ثلاثين سنةً في ليبيا، حيث أُنجبنا أنا وإخوتي وترعرعنا هناك، لكن أصلنا الأصيل من تونس، ولكن بحكم طول المدة حصلنا على الجنسية الليبية في ذلك البلد، وحاليًّا تتكوَّن عائلتي من خمس بنات وأربعة أولاد، وأنا خامسهم، تزوَّج منهم بنتان وأخي الأكبر، وأنا أبلغ من العمر خمسًا وثلاثين سنةً لكني لم أتزوَّج إلى الآن، وذلك لعدم قناعتي الخاصة بالزَّواج من ليبيا.
ثم أتيت إلى موطني الأصل تونس منذ سنة تقريبًا من هذا التَّاريخ، ووفَّقني الله حيث حصلت على عمل جيد، وقدَّر الله أن أتعرَّف إلى فتاة بنفس العمل جميلة الأخلاق والخلق، وهي محجبة ومن عائلة محترمة، ونحن نحب بعضنا البعض بجنون، واتَّفقنا على الزَّواج.
وأردت أن أبادر أمي وعائلتي بخصوص هذا الشَّأن، ولكنهم رفضوا بشدة، وأوصدوا أمامي كلَّ الأبواب، وحاولت بكل السبل لإقناعهم من دون جدوى، حتى إنهم رفضوا أن يَرَوْا صورتها على الأقل عن طريق الإنترنت.
أُقسم بالله أن حالتي كلَّ يوم تتدهور من كثرة التَّفكير وانشغالي بهذه المشكلة العويصة، حيث إنني إذا اقتنعت بكلام عائلتي فسوف تتحطَّم الفتاة وأظلمها، لأني جعلتها تُحبني، وهذا ما لا أرضاه أنا ولا الدين الإسلامي والله أعلم.
أما مِن ناحيتي ففراقي عنها من باب المستحيل، فلم يَعُد لدي أيُّ خيارٍ إلا أن أستخيركم بعد الله تعالى في هذه المعضلة، وأملي فيكم كبيرٌ، أتمنَّى أن تُرشدني إلى ما فيه خير لي في ديني ودنياي. فهل زواجي بهذه الفتاة سوف يُغضب اللهَ، أم أنه لديكم فتوى أخرى بصدد هذا الموضوع؟ ووفَّقكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فاجتهِد في إقناع والديك بهذه الخطبة، وابتغِ إليهم الوسيلة ببعض من يثقون به من أهل العلم والدِّين، أو من أهل الوجاهة الاجتماعيَّة، وسل اللهَ أن يشرحَ لذلك صدرهم، وأن يُؤلِّفَ على ذلك قلبهم، وأن يرضيهم به، فإن وصلتَ إلى طريقٍ مسدود، واستفرغت وُسعك وكنت كما تصف من التَّعلُّق بهذه الفتاة والحرص على الزَّواج بها فلا تلزمك طاعتُهم في ذلك، ما دامتِ الفتاة من ذوات الخلق والدِّين، وسيشرح الله صدر والديك لاحقًا لمباركة هذا الأمر إن شاء الله. واستعن على تحصيل ذلك بدعاء الأسحار، والصَّلاة بالليل والنَّاس نيام.
وبقي أن نُذكِّرك بأن الخطبة أو العزم عليها لا يُحِلُّ حرامًا في العلاقة بين الطَّرفين، فلا تزال المخطوبةُ أجنبيَّة، لا يحلُّ لك مغازلتُها ولا استثارة مشاعرها، ولا الخلوة بها، فاتَّقِ الله في ذلك حتى يُبارك الله لك في أمرك هذا. ونسأل لله لنا ولك التَّوفيق، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend