النَّظَر إلى ما يظهر من المرأة وهي في ثياب مهنتها رغبة في الزواج بها

هناك اتفاق مبدئي على الزَّواج من امرأة مسلمة حديثًا، ولكن كل واحد على حدة في دولة أخرى.
هل يجوز شرعًا أن أطلب منها إرسال صورتها من دون الحجاب (أي رؤية الشعر كذلك)، حسب علمي أن ذلك يجوز خاصة أن النِّيَّة خالصة للزَّواج ويعتمد اتخاذ القرار على ذلك؟ وبارك الله فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن للخاطب أن يرى من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها، فقد قال ﷺ: «انْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدمَ بَيْنَكُمَا»(1).
وجمهور الفقهاء(2) يرون أنه يُرخص في رؤية الوجه والكفين لتحقُّق الحاجة بذلك، ويرى بعض أهل العلم(3) جواز النَّظَر إلى ما يظهر من المرأة وهي في ثياب مهنتها، فيرى منها الشعر والنحر وجزءًا من الذراع والساق، وذلك لحديث جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما يدعوني إلى نكاحها(4).
والأمر في ذلك واسع، ولكننا لا نُحب تبادل الصور بين المخطوبين؛ لأنه قد يساء استخدامها لاحقًا إذا ما عَدَل الطرفان عن إتمام الزَّواج.
وأيًّا كان الأمر إذا كنت محتاجًا إلى ذلك كما تذكر وكنت صادقًا في توجُّهك للزَّواج بها فلا حرج فيما ذكرت، فإن عدلت عن الزَّواج رددت إليها صورتها. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/244) حديث (18162)، والترمذي في كتاب «النكاح» باب «ما جاء في النظر إلى المخطوبة» حديث (1087)، والنسائي في كتاب «النكاح» باب «إباحة النظر قبل التزويج» حديث (3235)، والنسائي في كتاب «النكاح» باب «النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها» حديث (1866)، والدارمي في كتاب «النكاح» باب «الرخصة في النظر إلى المرأة عند الخطبة» حديث (2172) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (2/100) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (96).

(2) جاء في «فتح القدير» من كتب الحنفية (10/24-25): «فصل في الوطء والنظر واللمس: قال (ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها) لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}. قال علي وابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر منها الكحل والخاتم، والمراد موضعهما وهو الوجه والكف، كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها، ولأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذًا وإعطاء وغير ذلك، وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها».
وجاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» من كتب المالكية (3/165-166): «(ص) ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم (ش) يعني أنه يندب لمن أراد نكاح امرأة إذا رجا أنها ووليها يجيبانه إلى ما سأل وإلا حرم- نظر وجهها وكفيها فقط بعلمها بلا لذة بنفسه ووكيله مثله إذا أمن المفسدة».
وجاء في «نهاية المحتاج» للرملي وهو من كتب الشافعية (6/185-187): «(ولا ينظر) من الحرة (غير الوجه والكفين) ظهرا وبطنا من رءوس الأصابع إلى الكوع بلا مس شيء منهما لدلالة الوجه على الجمال والكفين على خصب البدن».
وجاء في «أسنى المطالب» من كتب الشافعية (3/108-109): «(و) أن (ينظر كل) من الرجل والمرأة (من الآخر قبل الخطبة) وبعد عزمه على نكاحه (غير العورة) المقررة في شروط الصلاة فينظر الرجل من الحرة الوجه والكفين».

(3) جاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (6/83-88): «(ويجوز) وجزم جماعة بالاستحباب (لمن أراد خطبة امرأة النظر إلى وجهها) فقط قدمه في المستوعب، والرعاية; لأنه مجمع المحاسن، ويكرر النظر إليها، ويتأمل محاسنها مطلقا إذا غلب على ظنه إجابته، لا نظر تلذذ وشهوة ولا لريبة، ولا خلاف في إباحة النظر إلى الوجه; لأنه ليس بعورة (من غير خلوة بها) ; لما روى ابن عباس مرفوعا، قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، ولفظه للبخاري ; ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور ; لقوله عليه السلام: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. رواه أحمد (وعنه: له النظر إلى ما يظهر غالبا، كالرقبة، واليدين، والقدمين) قدمه في المحرر والفروع; لما روى جابر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. رواه أحمد، وأبو داود من رواية ابن إسحاق، قال أحمد: لا بأس أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها من يد أو جسم أو نحو ذلك ; لأنه عليه السلام لما أذن في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى ما يظهر غالبا ; إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، وقيل: ورأس وساق، وعنه: وكف، وقال أبو بكر: لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة».

(4) أخرجه أبو داود في كتاب «النكاح» باب «في الرجل ينتظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها» حديث (2082)، والحاكم في «مستدركه» (2/179) حديث (2696)، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend