العاطفة التي تنشئها نظرة الفجاءة

أنا فتاة عمري ثماني عشرة سنة والحمدُ لله، أعرف أن أيَّة مشاعر تجاه أيِّ إنسان مُحرَّم تُعتبر حرامًا، ولكن لدي مشكلة أن لي زميلًا في الجامعة رأيته مَرَّةً مصادفةً فشعرتُ تجاهه بمشاعر ما، ولكنني لم أتطرَّق إلى النَّظَر إليه أو التحدُّث؛ لأنني أعلم أن هذا حرام ولله الحمد.
ولكنني لا أكفُّ عن التفكير فيه وأنه ربما يكون زوجي يومًا ما، وأشعر أن هذا حرامٌ، ولكنني حاولتُ مرارًا وتكرارًا أن أصرفَ نفسي عن التفكير في الأمر ولم أستطع، فأنا أكفُّ قليلًا ثم أعود لما كنت عليه. ماذا أفعل، وخاصة أنني في الفترة الأخيرة وجدتُ اهتمامًا من شخصٍ آخر وهو جارٌ لنا ولكنني أيضًا لا أنظر إليه ولا أُحدِّثه ولكن أُفكِّر فيه؟
لا أعرف ماذا أفعل، أشعر بالضيق وأحتقر نفسي كثيرًا ولكن لا أقوى على الكفِّ عن التفكير، وأشعر بالذنبِ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن العاطفةَ التي تُنشئها نظرةُ الفجاءة ولم تكن عن تعمُّدِ إدامة النَّظَر أو استجلاب العاطفة من خلال العبث الذي يلجأ إليه المراهقون والطائشون لا حرج فيها، فإن المشاعرَ البشرية المجردة ليست موضعَ مساءلةِ الرَّب جل وعلا، وإنما يسأل عما دَفَع إليها أو صاحَبَها أو أعقبها من تصرُّفاتٍ فهذه التي تدخل في دائرة التثريب والمحاسبة، كما أن اللهَ قد تجاوز لهذه الأُمَّة عما حدَّثَتْ به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به(1).
فاصرفي النَّظَرَ عن متابعة التفكير في هذا الشابِّ، وسلي اللهَ أن يُقدِّرَ لك الخيرَ حيث كان، وأن يُهيِّئَ لك أسبابَه، وأن يحملك في أحمد الأمور عنده وأجملِها عاقبةً، واشغلي نفسك بالأذكار وتلاوة القُرْآن ومصاحبة ذوات الدين والمشاركة في الأعمال النافعة الصَّالِحة؛ فإن النفسَ إذا لم يشغلها صاحبُها بالحقِّ شغلته بالباطل. وأرجو أن تقرَّ عينُك بإذن الله، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) فقد أخرج البخاري في كتاب «الرقاق» باب «من هم بحسنة أو بسيئة» حديث (6491)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب» حديث (131) من حديث ابن عباس رضي الله عنه  عن رسول الله ﷺ فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: «إنَّ اللهَ كَتَبَ الْـحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عز و جل  عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend