جزاكم اللهُ كلَّ خيرٍ على جهودكم، ونفع الله بكم الإسلام والـمُسلِمين. أتمنى أن يُجيب على سؤالي الشَّيخ الصاوي غفر الله لنا وله.
السُّؤال: أرغب في الزَّواج من فتاةٍ ملتزمة من عائلة محترمة، ولكن هذه الفتاة تربت على الأكل من الحرام، حيث يملك والدها متجرًا يبيع المواد الغذائية والخمور، وهذا المتجر هو المصدر الوحيد للدخل طوال السَّنَوات الماضية، أي منذ ولادة الفتاة وحتى الآن.
لست مرتاحًا من الزَّواج من هذه الفتاة بسبب تربيتها على الحرام، ولا أحب أن أبني عائلتي على هذا، مع العِلْم بأن أسرة الفتاة ملتزمة بتعاليم الشَّريعة عدا ما ذكرت آنفًا. هل هذا صحيح؟ أم الصَّحيح هو الرَّأي الفقهي الذي يقول «إن الحرامَ لا يدخل ذمتين»؟ أفيدونا أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الهو وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فزادك اللهُ حِرْصًا وتَوْفيقًا، وإن كانت الفتاة التي توجَّهتَ إلى خطبتها فتاةً صالحة ترتضي دينها وخلقها فأرجو أن يُوفِّقك الله إلى أن تغنم أجرها، فيجعل اللهُ لها سبيلًا إلى الخروج من هذه المكاسب المختلطة التي تحملها ظروفُها على التقبل بها؛ حيث لا مصدر في الغالب لمثل هذه الفتاة إلا ما يأتيها من قِبَل أبويها، وهي لا تأثم بذلك ما دامت تُنكر على أبويها في حدود وسعها وطاقتها؛ لأن اللهَ لا يُكلف نفسًا إلا وسعها(1)، ولا يُكلِّف نفسًا إلا ما آتاها(2).
والأصل أنه لا تزر وازرةٌ وزرَ أخرى(3)، ولا حرج على الولد الذي لا يزال في نفقة أبيه ولم يستغنِ بنفسه أن يُنفق من مال أبيه ولو كانت مكاسبُه مختلطةً، وينوي أن ما يأخذه منه من الجزء المشروع، ويُنكر عليه التَّكسُّب من الحرام بما لا يؤدِّي إلى مفسدة أعظم. ونَسْألُ اللهَ لنا ولك التَّوفيق، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: 286].
(2) قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7].
(3) قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].