الزواج بنصرانية تُقر بالإسلام إقرارًا خبريًّا

سؤالي شيخنا بارك الله فيكم، هو عن الزَّواج من الكتابية، النصرانية خصوصًا، هناك امرأة أمريكية تعرفت عليها هنا بالمملكة السعودية تعمل ممرضة، هذه المرأة اعتقادها مخالف تمامًا لاعتقاد عامة النصارى من أن المسيح عليه السلام صُلب وأنه ابن الإله وغير ذلك من المعتقدات الفاسدة تجاه الله {#emotions_dlg.azz}، وتعتقد أن المسيح ما هو إلا بشر مثلنا، وقالت لي بالحرف الواحد أنا أصدق أن المسيح بشر، وأنه مرسل من الله، وأن اللهَ واحد، وأنه رسول مثل محمد ﷺ.
وهذا المعتقد لم تتخذه هنا في السعودية بل أتت به من بلدها، وقالت لي: أنا طوال عمري لم أؤمن بأي دين بسبب هذه الأشياء التي لا يصدقها عقل، يعني أعيش بلا دين، وعندما حدثتها عن القرآن ومحمد ﷺ والإسلام قالت: أنا أؤمن بهذا كله وأصدقه. وقالت لي قبل أن تأتي إلى المملكة شهدت الشهادة كاملة باللغة العربية، وقالت: أشهد ألا إله إلى الله وأن محمدًا رسول الله. مع الترجمة، وأنا سمعتها منها بأذني.
السُّؤال هنا: هل هي تعتبر بهذا المعتقد مسلمة مع العلم أنها تريد أن تتعلم أكثر وأكثر؟ هي لا تعتقد اعتقاد النصارى في المسيح، ولا تلتزم بشريعة الإسلام بعدُ؛ لأنها لا تعلم عنها شيئًا كثيرًا، خصوصًا الصلاة. هي بهذا كيف تصنف؟وهل يجوز لي أن أتزوجها وهي على هذا المعتقد؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن عقد الإسلام يثبت أيها الموفَّق بالإقرار بالتوحيد والرسالة إقرارًا التزاميًّا يقصد به الإجابة إلى الإيمان، والدُّخول في الإسلام، والبراءة من كل دين يخالف دين الإسلام، ولا يكفي مجرد الإقرار الخبري، فقد أقر كثيرون بالإسلام إقرارًا خبريًّا ولم يصبحوا بذلك من المؤمنين، كما كان من أبي طالب الذي كان يقول:

  • لقد علموا أن ابننا لا مكذَّب
  •  لدينا ولا يعني بقول البواطل(1)

 

وكما كان في قصة اليهود الذين قالوا: نشهد أنك نبي. وقبلوا يديه ورجليه ﷺ(2).
ومما سبق يعلم الجواب، فإن كانت المرأة تؤمن بالنصرانية في الجملة فهي من أهل الكتاب، ولم يزل في النصارى من لا يؤمنون بألوهية المسيح، ويعتقدون كثيرًا مما يعتقده المسلمون، إلا أنهم يقولون: إن محمدًا رسول إلى العرب وحدهم، فلا يدخلون في دينه ولا يلتزمون شريعته، فهم من جملة أهل الكتاب يجوز الزَّواج منهم على هذا الأساس، أما إن صرحت أنها لا تَدين بدين، مع إقرارها الخبري بالإسلام فمعنى هذا أنها قريبة، ولكنها لما تسلم بعد، فبقي أن تصبر عليها وأن تتألفها على الدُّخول في الإسلام، وأن تنتقل من الإقرار الخبري إلى الإقرار الالتزامي، حتى يصح لك الزَّواج بها، ونسألُ اللهَ أن يعينك على ذلك وأن يقيضها لك زوجة صالحة بإذن الله. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) انظر: «السيرة النبوية» (2/115)، وهو من بحر الطويل.

(2) أخرجه الترمذي في كتاب «الذبائح» باب «ما جاء في قُبلة اليد والرجل» حديث (2733) من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend