الحل عند اكتشاف زِنى الزوجة

أنا رجل مُتديِّن والحمد لله، ومنذ أربع عشرة سنة تقدَّمتُ لخطبة بنت الحسب والنَّسَب التي يبدو لكلِّ مَن يعرفها أنها أسرة متدينة، واستطاعت العروس أن تقنعني قبل الدخول أن غشاء البكارة غالبًا لا تظهر له آثار دماء لندرة الدماء فيه، ونظرًا لثقتي غير المحدودة في هذه الأسرة صدَّقتُها ولم أهتم بالأمر، ومضت السنون وأنجبنا أربعة من البنين والبنات، ولكنني لاحظتُ مع مرور السنين أنه لا توجد أية عاطفة مني تُجاه الأولاد، وجَّهتُ اللوم لنفسي لانشغالي ولم يتطرَّق إلى ذهني مطلقًا لاحتمال خيانة زوجتي، وأخذت أتفرَّغ لأولادي وأتقرَّب إليهم، ولكنني علمت قدرًا بطريق غير مباشر من أسرةِ زوجِ إحدى صديقاتها أن زوجتي كانت تُحب صديقًا لها، وأنها تركت نفسَها له لدرجة أنه نَزَع بكارتها، وأن علاقتهما استمرَّت بعد الزَّواج.
لم أُصدِّق، وأخذت أتقصَّى الأمر لأصدم بالحقيقة المُرَّة وأتأكَّد من خيانتها قبل وبعد الزَّواج، وأنا الآن بين نارين: فزوجتي من النوع الضعيف الذي لا يتحمَّل الصدمات، ووضعها الاجتماعي مرموق، ولو واجهتها بالحقيقة قد تموت بالسكتة القلبية وأكون أنا السبب في موتها، ومن ناحية أخرى فالشَّك يملؤني تجاه الأولاد وأعيش في عذاب وحيرة وأصبحت لا أُطيقها. ماذا أفعل؟ أريد حلًّا لا يُغضب الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فليس بمثل هذه الروايات المبتورة تُدمَّر العلاقات الزوجية ويعصف بصروحها، ليس لك من بيِّنة على ما تقول إلا رواية مقطوعة لا زمام لها ولا خطام، ولابد أن تعلم أن جريمةَ الزنى لا تَثبُت شرعًا إلا بأربعة شهود عدول يرون الزنى كما يُرى الـمِرود(1) في الـمُكْحُلة، ولو شهد ثلاثةٌ فقط وتردَّد الثالث أو وصف واقعة غير التي وصفها الآخرون لحُدَّ الثلاثة حدَّ القذف، ولم يحصل لك من ذلك شيء.
أمَّا من ناحية ثبوت النَّسَب فقد قضى سيِّدُك ﷺ أن الولد للفراش وللعاهر الحَجَر(2)، فأنت صاحب الفراش شرعًا، فالولد ولدك، وليس لمن يُنازعك فيه إلا الحجر، وليس لك أن تنفي ولدك إلا باللِّعان، ولا سبيل لك إلى اللعان إلا بيقينٍ من جانبك أن زوجتك قد ألـمَّت بالفاحشة أو حملت في وقت لم تمسسها فيه، ولا سبيل لك لا إلى هذا ولا إلى ذاك، فأمسك عليك زوجك واتَّقِ الله، وأقبل على أهلك وولدك، فأنفق معهم وقتا لإصلاحهم وتعليمهم وتهذيبهم وستجد عُقْبى ذلك خيرًا عميمًا بإذن الله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) المرود: الميل من الزجاج أو المعدن يكتحل به.

(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الفرائض» باب «الولد للفراش حرة كانت أو أمة» حديث (6749)، ومسلم في كتاب «الرضاع» باب «الولد للفراش وتوقي الشبهات» حديث (1457) من حديث عائشة ل، بلفظ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْـحَجَرُ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 11 التوبة, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend