التعهد بحفظ سورة البقرة مهرًا للزوجة

تزوَّجتُ منذ خمس سنوات، وكان المهرُ حفظَ سورة «البقرة»، ولكنني ضعيفُ الحفظ نتيجة ظروف اعتقال مررتُ بها، وقد حاولتُ كثيرًا وفشلت، وأنا أدعو الله العون، واليوم فوجئت أنني أقرؤها كاملة إلا عند موضع أول الآية أحيانًا، وربما احتجتُ أن أقرأ شيئًا من الآية لأكملها، وأحيانًا قليلة بالنِّسْبة لمجموع السور أقرأ الآية كاملة، ولكن سبحان الله ختمتها في نصف ساعة، فهل قمتُ بأداء المهر الذي عليَّ أم عليَّ أن أتقنها؟ وماذا لو نسيتُها بعدُ؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فاجتهد يا بني في ضَبْطها واستكمال حفظها، واستعن بالله ولا تعجز(1)، فإذا وَعَيْتَها وضبطتها فتعهَّدها بعد ذلك، فإن القرآنَ أشدُّ تفلُّتًا من الإبل المعقولة(2)، ولكن نسيان جزءٍ منها بعد ذلك لا يعني بالضَّرورة إخلالَك في أداء ما تعهدت به من مهرٍ، فقد أنجزت عهدك بحفظها أوَّلَ مرَّةٍ، إلا إذا كان قصدك من عهدك أن تظلَّ ضابطًا لها ومتقنًا لها ما حييت، ومثل ذلك قد يَبعُد، وإن كنا نُؤكِّد على ضرورة تعهُّدها، فإنَّ مَن أُوتي شيئًا من القرآن ثم نسيه فهو نعمةٌ كفرها(3). ونسأل اللهَ لك العون والتَّوْفيق. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «القدر» باب «في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة» حديث (2664) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: «الْـمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى الله مِنَ الْـمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْر،ٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بالله وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ. فَإِنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».

(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «فضائل القرآن» باب «استذكار القرآن وتعاهده» حديث (5031)، ومسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول: نسيت آية» حديث (789)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْـمُعَقَّلَةِ؛ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ».

(3) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في كنس المسجد» حديث (461)، والترمذي في كتاب «فضائل القرآن» باب «ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن ماله من الأجر» حديث (2916)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2/271) حديث (1297)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْـمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا»، وذكره النووي في «خلاصة الأحكام» (1/307) وقال: «رواه أبو داود والترمذي بإسناد فيه ضعف ولم يضعفه أبو داود وضعفه الترمذي».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend