فضيلة الشيخ، ما قول الشرع في رجل يمنِيٍّ عاش في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب ثلاثين سنة، متزوج من امرأتين وله من كل زوجة أربعة من الأولاد وبنت، وقد حصل على التقاعد براتب شهري، وكانت الزوجة الأولى هي المسجلة في الأوراق الأمريكية، وبعد وفاته كانت الزوجة الأولى تتسلم مرتب التقاعد الشهري وتقسمه بينها وبين الزوجة الثانية.
وبعد أن توفيت الزوجة الأولى تقدم ابنها الأكبر إلى الجهات المختصة وأبلغهم بوفاة والدته، ما إن كان من إخوانه أن احتجوا على قطع راتب والدهم وقالوا بأن المفروض أن يبقى المعاش لوالدتهم الزوجة الثانية، وأن على أخيهم الأكبر ألا يبلغ الجهات المختصة.
علمًا بأن القانون الأمريكي لا يسمح بذلك، وهنا تم الخلاف ما بين الإخوان، فأولاد الزوجة الأولى يقولون: إن هناك شُبهة، ولا يجوز. وعند علم الجهات المختصة سوف تقوم بمعاقبتهم وإرجاع ما استلموا. وأولاد الزوجة الثانية يقولون: بأنه جائز، وأن والدهم قد أوصى قبل مماته بأنه إذا توفيت الزوجة الأولى أن يعود المعاش لزوجته الثانية.
فما رأي الشرع في هذه المسألة؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاك الله ألف خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن ما فعله الابنُ الأكبر هو ما يقتضيه الاحتياط الشرعيُّ والقانوني، فهذا المعاش خصت به الجهة المانحة الزوجةَ التي تعترف بها، وهي مسجلة في سجلاتها الرسمية، وهي لا تعرف الزوجة الثانية، ولا تقرُّ بوجودها، والوضع القانوني في هذه البلاد يقتضي الاحتياط، حتى لا يقع تحت طائلة العقوبات المدنية والجنائية إذا اكتشف ذلك.
وسواء أكان هذا أو ذاك فقد قضي الأمر ومضى، وأصبح تاريخًا، ولم يعد هناك مال يتنازعون عليه.
ولكن نوصي هذا الابن الأكبر أن يُحسن إلى إخوته من أبيه، وأن يُرضِخ لهم من ماله هبةً أو صدقةً ما يُعينهم على تكاليف الحياة، صلةً لرحمه، وبرًّا بأبيه، وإكرامًا له في مرقده. والله تعالى أعلى وأعلم.