إظهار الفتاة صورة لها بغير حجاب لطالب الخِطبة

منذ بدء ثورات التكنولوجيا التي نجحت في أن تقرب المسافات والاتصالات وتحول الكائن البشري إلى آلات مبرمجة يخطو الإنسان وَفقها، ولكن معذرة لكل من يدعو إلى ذلك، فهناك معانٍ إنسانية راقية لا يمكن أن يتخلى عنها الإنسان، وسيظل يشعر بأن هناك شيئًا ما يفتقده.
فمنذ بضعة أيام دار حوار بيني وبين صديقة لي تطلب مني صورة لي بدون حجاب وأخرى بحجاب، فتعجَّبت، وقالت لي: رجعنا إلى أيام زمان، والست الخاطبة والعرسان يتبادلون الصور ثم يقومون بالمحادثة والحوار عبر الفيس بوك ثم الارتباط.
عجبًا ثم عجبًا! فأين نصيحة الرسول في أمر الخطبة من أن ينظر إليها وتنظر إليه، وأين القبول؟! فهذا حصاد التكنولوجيا.
وعندما اعترضتُ اتُّهمت بالرجعية وأني لا أريد الارتباط، فهل هذا يجوز شرعًا؟ أعرف أن الإمام أحمد أجاز للخطيب أن يرى ذلك من المخطوبة ولكن بإذن وليها، ويحترم هذا الرأي، ولكن إذا رأت الفتاة أن هذا يقلل من شأنها فهذا حقها، وأعتقد أن أي إنسان سوَّلت له نفسه أنه يقدر على جلب الرزق فهذا من تلبيس إبليس. فسبحان الله الرزاق العاطي الوهاب!
أدعو الله أن يرحمنا، ويثبتنا، فأصعب شيء أن يشعر الإنسان أنه ماضٍ في طريق يُجاهد نفسه ومن حوله عندما تكثر الفتن وتختلط الأمور.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فينبغي الاحتياط في تبادل الصور، وفي التوسع باعتماد ما نسب إلى الإمام أحمد(1) في هذا الباب، وألا يكون إلا حيث تنتفي الريبة ويغلب على الظن صدق الخطاب. وفي المسألة جوانب نفسية ووجدانية لا تكفي فيها الصور وحدها بطبيعة الحال، اللهم إلا أن تكون مقدمة للخطوة التالية من التواصل المباشر تحت سمع الأهل وبصرهم؛ فقد يُترخص فيها في مثل هذه الحالة. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «المبدع» (6/83-88): «ويجوز) وجزم جماعةٌ بالاستحباب (لمن أراد خطبة امرأةٍ النظر إلى وجهها) فقط قدمه في المستوعب، و الرعاية؛ لأنه مجمع المحاسن، ويكرر النظر إليها، ويتأمل محاسنها مطلقًا إذا غلب على ظنه إجابته، لا نظر تلذذٍ وشهوةٍ ولا لريبةٍ، ولا خلاف في إباحة النظر إلى الوجه؛ لأنه ليس بعورةٍ (من غير خلوةٍ بها)؛ لما روى ابن عباسٍ مرفوعًا، قال: لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي محرمٍ (1) متفقٌ عليه، ولفظه للبخاري؛ ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور؛ لقوله عليه السلام: لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما. رواه أحمد (وعنه: له النظر إلى ما يظهر غالبًا، كالرقبة، واليدين، والقدمين) قدمه في المحرر و الفروع؛ لما روى جابرٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. رواه أحمد، وأبو داود من رواية ابن إسحاق، قال أحمد: لا بأس أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها من يدٍ أو جسمٍ أو نحو ذلك؛ لأنه عليه السلام لما أذن في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى ما يظهر غالبًا؛ إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، وقيل: ورأسٍ وساقٍ، وعنه: وكفٍ، وقال أبو بكرٍ: لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرةً».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend